Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 94-111)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المنَاسَبَة : تتحدث الآيات عن مجيء أسرة يعقوب بأسرهم إلى مصر ، ودخولهم على يوسف وهو في عز السلطان وعظمة الملك ، وتحقيق الرؤيا بسجود إخوته الأحد عشر له مع أبيه وأمه ، واجتماع الشمل بعد الفرقة ، وحلول الأنس بعد الكدر ، ثم تختم السورة الكريمة بتوجيه الأنظار إلى عجائب الكون الدالة على القدرة والوحدانية ، وما في قصص القرآن من العبر والعظات { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } ! ! . اللغَة : { تُفَنِّدُونِ } تنسبوني إلى الخَرَف قال الأصمعي : إذا كَثُر كلام الرجل من خَرَف فهو المفند وقال الزمخشري : التفنيد النسبة إلى الفَنَد وهو الخَرَف وإنكار العقل من هرم يقال : شيخ مُفند ولا يقال عجوز مُفْندة ، لأنها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فتفند في كبرها { ضَلاَلِكَ } ذهابك عن الصواب { ٱلْبَدْوِ } البادية { نَّزغَ } أفسد وأغوى وأصله من نزغ الراكب الدابة إذا نخسها ليحملها على الجري { فَاطِرَ } مبدع ومخترع وأصله من فطر إذا شقَّ ثم صار عبارة عن الخلق والإِيجاد { غَاشِيَةٌ } عذاب يغشاهم { بَغْتَةً } فجأة { بَأْسُنَا } عذابنا { عِبْرَةٌ } عظة وتذكرة . التفسِير : { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ } أي خرجت منطلقة من مصر إلى الشام { قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ } أي قال يعقوب لمن حضر من قرابته إني لأشمّ رائحة يوسف قال ابن عباس : هاجت ريح فحملت ريح قميص يوسف وبينهما مسيرة ثمان ليال { لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } أي تسفهوني وتنسبوني إلى الخَرَف وهو ذهاب العقل وجواب { لَوْلاَ } محذوف تقديره لأخبرتكم أنه حيٌّ { قَالُواْ تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ } أي قال حفدته ومن عنده : والله إنك لفي خطأ وذهاب عن طريق الصواب قديم ، بإفراطك في محبة يوسف ، ولهجك بذكره ، ورجائك للقائه قال المفسرون : وإنما قالوا ذلك لاعتقادهم أن يوسف قد مات { فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ } أي فلما جاء المبشر بالخبر السارّ قال مجاهد : كان البشير أخاه يهوذا الذي حمل قميص الدم فقال : أُفرحه كما أحزنته { أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ } أي طرح البشير القميص على وجه يعقوب { فَٱرْتَدَّ بَصِيراً } أي عاد بصيراً لما حدث له من السرور والانتعاش { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي قال يعقوب لأبنائه : ألم أخبركم بأني أعلم ما لا تعلمونه من حياة يوسف وأن الله سيرده عليَّ لتتحقق الرؤيا ؟ قال المفسرون : ذكّرهم بقوله { إِنَّمَآ أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى ٱللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ يوسف : 86 ] روي أنه سأل البشير كيف يوسف ؟ فقال : هو ملك مصر ، قال ما أصنع بالملك ! على أيّ دين تركتَه ؟ قال : على دين الإِسلام ، قال : الآن تمَّت النعمة { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ } طلب أبناؤه أن يستغفر لهم لما فرط منهم ثم اعترفوا بخطأهم بقولهم { إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } أي مخطئين فيما ارتكبنا مع يوسف { قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ } وعدهم بالاستغفار قال المفسرون : أخَّر ذلك إلى السَّحَر ليكون أقرب إلى الإِجابة وقيل : أخرَّهم إلى يوم الجمعة ليتحرى ساعة الإِجابة { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أي الساتر للذنوب الرحيم بالعباد { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } أي فلما دخل يعقوب وأبناؤه وأهلوهم على يوسف ضمَّ إليه أبويه واعتنقهما { وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } أي ادخلوا بلدة مصر آمنين من كل مكروه ، وإنما قال { إِن شَآءَ ٱللَّهُ } تبركاً وتيمناً { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي أجلسهما على سرير الملك بجانبه { وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً } أي سجد له أبوه وأمه وإخوته حين دخولهم عليه قال المفسرون : كان السجود عندهم تحية وكرامة لا عبادة { وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ } أي هذا تفسير الرؤيا التي رأيتها في منامي وأنا صغير { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً } أي صدقاً حيث وقعت كما رأيتها في النوم { وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ } أي أنعم عليَّ بإخراجي من السجن قال المفسرون : ولم يذكر قصة الجب تكرماً منه لئلا يُخْجل إخوته ويذكّرهم صنيعهم بعد أن عفا عنهم { وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ } أي جاء بكم من البادية لأنهم كانوا أهل إبل وغنم ببادية فلسطين ، ذكّرهم بنعمة الله على آل يعقوب حيث نقلهم من البادية إلى الحضر واجتمع شمل الأسرة بمصر قال الطبري : ذُكر أن يعقوب دخل مصر هو ومن معه من أولاده وأهاليهم وأبنائهم وهم أقل من مائة ، وخرجوا منها يوم خرجوا وهم زيادة على ستمائة ألف { مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ } أي أفسد ما بيني وبين إخوتي بالإِغواء قال أبو حيان : وذكر هذا القدر من أمر إخوته لأن النعمة إذا جاءت إِثْر بلاءٍ وشدة كانت أحسن موقعاً { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ } أي لطيف التدبير يحقّق مشيئتَه بلطفٍ ودقةٍ خفية لا يحسها الناس ولا يشعرون بها { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } أي العليم بخلقه الحكيم في صنعه قال المفسرون : إن يعقوب عليه السلام أقام مع يوسف في مصر أربعاً وعشرين سنة ثم مات وكان قد أوصى أن يُدفن بالشام إلى جنب أبيه إسحاق ، فمضى يوسف بنفسه ودفنه ثمَّة ، ثم لما عاد إلى مصر عاش بعد أبيه ثلاثاً وعشرين سنة ، فلما تم أمره وعلم أنه لا يدوم تاقت نفسه إلى الملك الدائم الخالد ، واشتاق إلى لقاء الله وإلى آبائه الصالحين إبراهيم وإسحاق فقال { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ ٱلْمُلْكِ } أي أعطيتني العزَّ والجاه والسلطان ، وذلك من نعمة الدنيا { وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } أي علمتني تفسير الرؤيا ، وذلك من نعمة العلم { فَاطِرَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي يا مبدع السماوات والأرض وخالقَهما على غير مثال سابق { أَنتَ وَلِيِّي فِي ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ } أي أنت يا رب متولي أموري وشئوني في الدارين { تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِٱلصَّالِحِينَ } أي اقبضني إليك مسلماً ، واجعل لحاقي بالصالحين ، ابتهل إلى ربه أن يحفظ عليه إسلامه حتى يموت عليه ، وإلى هنا تنتهي قصة يوسف الصدّيق ، ثم يأتي التعقيب بعد ذلك بإقامة البرهان على صحة نبوة محمد عليه الصلاة والسلام { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ } أي ذلك الذي أخبرناك عنه يا محمد من أمر يوسف وقصته ، من الأخبار المغيَّبة التي لم تكن تعلمها قبل الوحي ، وإنما نُعلمك نحن بها على أبلغ وجه وأدق تصوير ، ليظهر صدقُك في دعوى الرسالة { وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ } أي وما كنت حاضراً مع إخوة يوسف حين تآمروا على أخيهم وأجمعوا أمرهم على إلقائه في الجب وهم يحتالون ويمكرون به وبأبيه ليرسله معهم ، فإنك يا محمد لم تشاهدهم حتى تقف على حقيقة القصة وإنما جاءتك بوحيٍ من العليم الخبير { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم أي ليس أكثر الخلق ولو حرصتَ على إيمانهم وبالغتَ في إرشادهم بمصدقين لك لتصميمهم على الكفر { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أي وما تطلب منهم على هذا النصح ، والدعاء إلى الخير والرشد أجرة حتى يثقل عليهم { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } أي ما هذا القرآن إلا عظة وتذكير للعالمين ، وأنت لا تطلب في تلاوته عليهم مالاً ، فلو كانوا عقلاء لقبلوا ولم يتمردوا { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي كم من الآيات والعلامات الدالة على وجود الله جل وعلا ووحدانيته ، الكائنة في السماوات والأرض كالشمس والقمر والنجوم ، والجبال والبحار والأشجار ، وسائر ما فيهما من العجائب { يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } أي يشاهدونها ليلَ نهار ، ويمرون عليها بالعشي والإِبكار { وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } أي لا يفكرون فيها ولا يعتبرون ، فلا تتعجب من إعراضهم عنك فإن إعراضهم عن هذه الآيات الدالة على وحدانية الله وقدرته أغرب وأعجب { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } أي لا يؤمن أكثر هؤلاء المكذبين من قومك إلا إذا أشركوا مع الله غيره ، فإنهم يقرّون بأن الله هو الخالق الرازق ويعبدون معه الأصنام قال ابن عباس : ومن ذلك قولهم في تلبيتهم : " لبَّيْك لا شريك لك ، إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك " { أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } أفأمن هؤلاء المكذبون عقوبةً من عذاب الله تغشاهم وتشملهم ؟ { أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أي أو تأتيهم القيامة بأهوالها فجأة من حيث لا يشعرون ولا يتوقعون ؟ والاستفهام إنكاري وفيه معنى التوبيخ { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ } أي قل يا محمد هذه طريقي ومنهاجي واضحة مستقيمة لا عوج فيها ولا شك ولا شبهة { أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } أي أدعو على عبادة الله وطاعته ، على بيانٍ وحجة واضحة أنا ومن آمن بي { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي وأنزهه سبحانه عن الشركاء والأنداد ، فأنا مؤمن موحِّد ولست من المشركين { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ } إي وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالاً من البشر لا ملائكة من السماء قال الطبري : أي رجالاً لا نساءً ولا ملائكة نوحي إليهم آياتنا للدعاء إلى طاعتنا ، والآية ردٌّ على من أنكر أن يكون النبي من البشر ، أو زعم أن في النساء نبيات { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } أي من أهل المُدن والأمصار لا من أهل البوادي قال الحسن : لم يبعث الله نبياً من أهل البادية قط ولا من النساء ولا من الجن قال المفسرون : وإنما كانوا من أهل الأمصار لأنهم أعلم وأحلم ، وأهل البوادي فيهم الجهل والجفاء والقسوة { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } أي أفلم يسر هؤلاء المكذبون في الأرض فينظروا نظر تفكر وتدبر ما حلَّ بالأمم السابقين ومصارع المكذبين فيعتبرون بذلك ؟ والاستفهام للتوبيخ { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } أي الدار الآخرة خير للمؤمنين المتقين من هذه الدار التي ليس فيها قرار { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أي أفلا تعقلون فتؤمنون ! ! { حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْأَسَ ٱلرُّسُلُ } أي يئس الرسل من إيمان قومهم { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ } أي أيقن الرسل أن قومهم كذّبوهم { جَآءَهُمْ نَصْرُنَا } أي أتاهم النصر عند اشتداد الكرب ، ففي اللحظة التي تستحكم فيها الشدة ، ويأخذ فيها الكرب بالمخانق ، ولا يبقى أملٌ في غير الله ، في هذه اللحظة يجيء النصر كاملاً حاسماً فاصلاً { فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُ } أي فنجينا الرسل والمؤمنين بهم دون الكافرين { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ } أي ولا يُردُّ عذابنا وبطشنا عن المجرمين إذا نزل بهم { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } أي لقد كان في قصة يوسف وإِخوته عظة وتذكرة لأولي العقول النيِّرة { مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىٰ } أي ما كان هذا القرآن أخباراً تُروى أو أحاديث تختلق { وَلَـٰكِن تَصْدِيقَ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ } أي ولكن كان هذا القرآن مصدقاً لما سبقه من الكتب السماوية المنزّلة من قبل { وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ } أي تبيان كل ما يُحتاج إليه من أحكام الحلال والحرام ، والشرائع والأحكام { وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي وهداية من الضلالة ورحمة من العذاب لقوم يصدّقون به ويعملون بأوامره ونواهيه . البَلاغَة : 1 - { تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ } أكدوا كلامهم بالقسم وإنَّ واللام وهذا الضرب يسمى ( إنكارياً ) لتتابع أنواع المؤكدات . 2 - { ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } جملة { إِن شَآءَ ٱللَّهُ } دعائيةٌ جيء بها للتبرك وفي الآية تقديم وتأخير تقديره : ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله . 3 - { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً } أبواه المراد به الأب والأم فهو من باب التغليب ، والرفع مؤخر عن الخرور وإن تقدم لفظاً للاهتمام بتعظيمه لهما أي سجدوا له ثم أجلس أبويه على عرش الملك . 4 - { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } جملة { وَلَوْ حَرَصْتَ } اعتراضية بين اسم { مَا } الحجازية وخبرها ، وجيء بهذا الاعتراض لإِفادة أن الهداية بيد الله جل وعلا وحده . 5 - { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } هذا على حذف مضاف أي وما تسألهم على تبليغ القرآن من أجر . 6 - { وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } { إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } فيه من المحسنات البديعية " السجعُ " وهو توافق الفاصلتين في الحرف الأخير . تنبيه : دلَّ قوله تعالى { لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } على أن الغرض من ذكر هذه القصص والأخبار ، العظةُ والاعتبار ، ووجه الاعتبار بهذه القصة أن الذي قدر على إخراج يوسف من الجب بعد إلقائه فيه ، وإخراجه من السجن ، وتمليكه مصر بعد العبودية ، وجمع شمله بأبيه وإخوته بعد المدة الطويلة واليأس من الاجتماع ، قادرٌ على إعزاز محمد صلى الله عليه وسلم ، وإعلاء شأنه ، وإظهار دينه ، وأن الإِخبار بهذه القصة العجيبة جار مجرى الإِخبار عن الغيوب ، فكان ذلك معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .