Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 270-274)
Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المنَاسَبَة : لا تزال الآيات تتحدث عن الإِنفاق في وجوه البر والخير ، وأعلاها الجهاد في سبيل الله والإِنفاق لإِعلاء كلمته ، وترغّب في إخفاء الصدقات لأنها أبعد عن الرياء ، فوجه المناسبة ظاهر . اللغَة : { فَنِعِمَّا } أصلها " نعم ما " أدغمت الميمان فصارت نعمّا قال الزجاج : أي نعم الشيء هو { أُحصِرُواْ } الحصر : الحبس أي حبسوا أنفسهم على الجهاد وقد تقدم معنى الحصر { ٱلتَّعَفُّفِ } من العفة يقال : عفّ عن الشيء أمسك عنه وتنزّه عن طلبه والمراد التعفف عن السؤال { بِسِيمَاهُمْ } السِّيما : العلامة التي يعرف بها الشيء ويقال : سيمياء كالكيمياء وأصلها من السّمة بمعنى العلامة قال تعالى { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ } [ الفتح : 29 ] { إِلْحَافاً } الإِلحاف : الإِلحاح في السؤال يقال : ألحف : إِذا ألحَّ ولجَّ في السؤال والطلب . سَبَبُ النّزول : عن سعيد بن جبير أن المسلمين كانوا يتصدقون على فقراء أهل الذمة فلما كثر فقراء المسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تتصدقوا إِلا على أهل دينكم " فنزلت هذه الآية { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } مبيحةً للصدقة على من ليس من دين الإِسلام . التفسِير : { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ } أي ما بذلتم أيها المؤمنون من مال أو نذرتم من شيء في سبيل الله فإِن الله يعلمه ويجازيكم عليه { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } أي وليس لمن منع الزكاة أو صرف المال في معاصي الله ، من معين أو نصير ينصرهم من عذاب الله { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ } أي إِن تظهروا صدقاتكم فنعم هذا الشيء الذي تفعلونه { وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي وإِن تخفوها وتدفعوها للفقراء فهو أفضل لكم لأن ذلك أبعد عن الرياء { وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ } أي يزيل بجميل أعمالكم سيء آثامكم { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } أي هو سبحانه مطلع على أعمالكم يعلم خفاياكم ، والآية ترغيب في الإِسرار { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } أي ليس عليك يا محمد أن تهدي الناس فإِنك لست بمؤاخذ بجريرة من لم يهتد ، إِنما أنت ملزم بتبليغهم فحسب ، والله يهدي من شاء من عباده إِلى الإِسلام { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ } أي أيّ شيء تنفقونه من المال فهو لأنفسكم لا ينتفع به غيركم لأن ثوابه لكم { وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ } خبرٌ بمعنى النهي أي لا تجعلوا إِنفاقكم إِلا لوجه الله لا لغرضٍ دنيوي { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } أي فإِن أجره وثوابه أضعافاً مضاعفة تنالونه أنتم ولا تنقصون شيئاً من حسناتكم { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي اجعلوا ما تنفقونه للفقراء الذين حبسوا أنفسهم للجهاد والغزو في سبيل الله { لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ } أي لا يستطيعون بسبب الجهاد السفر في الأرض للتجارة والكسب { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } أي يظنهم الذي لا يعرف حالهم أغنياء موسرين من شدة تعففهم { تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً } أي تعرف حالهم أيها المخاطب بعلامتهم من التواضع وأثر الجهد ، وهم مع ذلك لا يسألون الناس شيئاً أصلاً فلا يقع منهم إِلحاح وقيل معناه : إِن سألوا سألوا بلطفٍ ولم يلحّوا { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } أي ما أنفقتموه في وجوه الخير فإِن الله يجازيكم عليه أحسن الجزاء { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً } أي الذين ينفقون في سبيل الله ابتغاء مرضاته ، في جميع الأوقات ، من ليل أو نهار ، وفي جميع الأحوال من سر وجهر { فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } أي لهم ثواب ما أنفقوا ولا خوف عليهم يوم القيامة ولا هم يحزنون على ما فاتهم في الدنيا . البَلاَغَة : 1 - { وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ } بين أنفقتم ونفقة جناس الاشتقاق وكذلك بين نذرتم ونذر . 2 - { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ } في الإِبداء والإِخفاء طباق لفظي ، وكذلك بين لفظ " الليل والنهار " و " السر والعلانية " وهو من المحسنات البديعية . 3 - { وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } إطناب لورودها بعد قوله { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } الذي معناه يصلكم وافياً غير منقوص . فَائِدَة : قال بعض الحكماء : إِذا اصطنعت المعروف فاستره ، وإِذا اصطُنع إِليك فانشره وأنشدوا :