Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 1-11)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اللغَة : { ٱلأُمِّيِّينَ } العرب المعاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم سُمُّوا بذلك لاشتهارهم بالأمية وهي عدم القراءة والكتابة { يُزَكِّيهِمْ } من التزكية وهي التطهير من دنس الشرك والمعاصي { أَسْفَاراً } جمع سفر وهو الكتاب الكبير قال الشاعر : @ زوامل للأسفار لا علم عندهم بجيِّدها إِلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعيرُ إِذا غدا بأوساقه أو راحَ ما في الغرائر @@ { هَادُوۤاْ } تدينوا باليهودية { ٱنفَضُّوۤاْ } تفرقوا وانصرفوا . سَبَبُ النّزول : عن جابر رضي الله عنه قال : " بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً ، إذْ قدمت عيرٌ من المدينة ، فابتدرها أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق منهم إلا اثنا عشر رجلاً أنا فيهم وأبو بكر وعمر ، فأنزل الله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً … } الآية . التفسِير : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } أي ينزِّه الله ويمجده ويقدِّسه كلُّ شيء في الكون من إنسانٍ ، وحيوان ، ونبات ، وجماد ، وصيغةُ المضارع { يُسَبِّحُ } لإِفادة التجدد والاستمرار ، فهو تسبيحٌ دائم على الدوام { ٱلْمَلِكِ } أي هو الإِله المالك لكل شيء ، المتصرف في خلقه بالإِيجاد والإِعدام { ٱلْقُدُّوسِ } أي المقدَّس والمنزَّه عن النقائص ، المتصف بصفات الكمال { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } أي العزيز في ملكه ، الحكيم في صنعه { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ } أي هو جل وعلا برحمته وحكمته الذي بعث في العرب رسولاً من جملتهم ، أمياً مثلهم لا يقرأ ولا يكتب قال المفسرون : سُمي العرب أميّين لأنهم لا يقرأون ولا يكتبون ، فقد اشتهرت فيهم الأمية كما قال عليه الصلاة والسلام " نحن أمةٌ أمية ، لا نكتب ولا نحسب " الحديث والحكمةُ في اقتصاره على ذكر الأميين ، مع أنه رسولٌ إِلى كافة الخلق ، تشريفُ العرب حيث أُضيف صلوات الله عليه إِليهم ، وكفى بذلك شرفاً للعرب { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ } أي يقرأ عليهم آيات القرآن { وَيُزَكِّيهِمْ } أي ويطهرهم من دنس الكفر والذنوب قال ابن عباس : أي يجعلهم أزكياء القلوب بالإِيمان { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } أي ويعلمهم ما يتلى من الآيات والسنة النبوية المطهرة { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي وإِنَّ الحال والشأن أنهم كانوا من قبل إِرسال محمد صلى الله عليه وسلم إِليهم لفي ضلالٍ واضح ، عن النهج القويم ، والصراط المستقيم قال ابن كثير : بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم على حين فترةٍ من الرسل ، وطموسٍ من السُّبُل ، وقد اشتدت الحاجة إِليه ، فقد كان العرب متمسكين بدين إِبراهيم الخليل فبدلوه وغيَّروه ، واستبدلوا بالتوحيد شركاً ، وباليقين شكاً ، وابتدعوا أشياء لم يأذن بها اللهُ ، وكذلك كان أهل الكتاب قد بدَّلوا كتبهم وحرفوها ، فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بشرع عظيم ، شامل كامل ، فيه الهداية والبيان لكل ما يحتاج الناس إِليه من أمر معاشهم ومعادهم ، وجمع له تعالى جميع المحاسن ، وأعطاه ما لم يعط أحداً من الأولين والآخرين { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } أي وبعث الرسول إِلى قومٍ آخرين ، لم يكونوا في زمانهم وسيجيئون بعدهم ، وهم جميع من أسلم إِلى يوم القيامة ، قال الصاوي : والمعنى أنه بعث إِلى المؤمنين الموجودين في زمانه ، وإِلى الآتين منهم بعدهم ، فليست رسالته خاصة بمن كان موجوداً في زمانه ، بل هي عامة لهم ولغيرهم إِلى يوم القيامة ، وفي الحديث عن أبي هريرة قال : " كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : وفينا سلمان الفارسي ، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال : " لو كان الإِيمان عند الثريا لناله رجالٌ من هؤلاء " قال مجاهد : في تفسير الآية : هم الأعاجم وكلُّ من صدَّق النبي صلى الله عليه وسلم من غير العرب { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } أي القويُ الغالب في ملكه ، الحكيم ، في صنعه { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } أي ذلك الشرف الذي امتاز به سيد البشر ، وهو كونه مبعوثاً إِلى كافة الناس ، وما شرَّف الله به العرب من نزول القرآن بلغتهم ، وإِرسال خاتم الرسل إِليهم ، هو فضلُ اللهِ يعطيه لمن يشاء من خلقه { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } أي هو جل وعلا ذو الفضل الواسع على جميع خلقه في الدنيا والآخرة … ثم شرع تعالى في ذم اليهود الذين أكرمهم الله بالتوراة ، فلم ينتفعوا بها ولم يطبقوها ، وشبَّههم بالحمار الذي يحمل الأسفار فقال { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ } أي مثل اليهود الذين أعطوا التوراة ، وكُلفوا العمل بما فيها { ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } أي ثم لم يعملوا بها ، ولم ينتفعوا بهديها ونورها { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } أي مثلهم كمثل الحمار الذي يحمل الكتب النافعة الضخمة ، ولا يناله منها إِلا التعب والعناء قال القرطبي : شبههم تعالى - والتوراة في أيديهم وهم لا يعملون بها - بالحمار يحمل كتباً ، وليس له إِلاّ ثقل الحمل من غير فائدة ، فهو يتعب في حملها ولا ينتفع بما فيها وقال في حاشية البيضاوي : ذمَّ تعالى اليهود بأنهم قراءُ التوراة ، عالمون بما فيها ، وفيها آياتٌ دالة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب الإِيمان به ، ولكنهم لم ينتفعوا بها مما ينجيهم من شقاوة الدارين ، وشبههم بالحمار الذي يحمل أسفار العلم والحكمة ولا ينتفع بها ، ووجه التشبيه حرمان الانتفاع بما هو أبلغ شيء في الانتفاع ، مع الكدِّ والتعب { بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } أي بئس هذا المثل الذي ضربناه لليهود ، مثلاً للقوم الذين كذبوا بآيات الله ، الدالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلا م { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } أي لا يوفق للخير ، ولا يرشد للإِيمان من كان ظالماً فاسقاً قال عطاء : هم الذين ظلموا أنفسهم بتكذيبهم للأنبياء ، ثم كذَّب تعالى اليهود في دعوى أنهم أحبابُ الله فقال { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ } أي قل يا محمد لهؤلاء الذين تهودوا وتمسكوا بملة اليهودية { إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ } أي إن كنتم أولياء الله وأحباءه حقاً كما تدَّعون { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي فتمنوا من الله أن يميتكم ، لتنقلوا سريعاً إِلى دار كرامته المعدَّة لأوليائه ، إِن كنتم صادقين في هذه الدعوى قال أبو السعود : كان اليهود يقولون : { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] ويدَّعون أن الدار الآخرة لهم عند الله خالصة ، ويقولون { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً } [ البقرة : 111 ] فأمر الله رسوله أن يقول لهم إِظهاراً لكذبهم : إِن زعمتم ذلك فتمنوا الموت ، لتنقلوا من داء البلاء إِلى دار الكرامة ، فإِنَّ من أيقن بأنه من أهل الجنة ، أحبَّ أن يتخلص إِليها من هذه الدار التي هي مقرُّ الأكدار ، قال تعالى فاضحاً لهم ، ومبيناً كذبهم { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ } أي ولا يتمنون الموت بحالٍ من الأحوال ، بسبب ما أسلفوه من الكفر والمعاصي وتكذيب محمد عليه السلام وفي الحديث " والذي نفسي بيده ، لو تمنوا الموتَ ما بقي على ظهرها يهودي إِلا مات " قال الألوسي : لم يتمنَّ أحدٌ الموت منهم ، لأنهم كانوا موقنين بصدقه عليه السلام ، فعلموا أنهم لو تمنوه لماتوا من ساعتهم ، وهذه إِحدى المعجزات ، وجاء في سورة البقرة نفيُ هذا التمني بلفظ { ولن } وهو من باب التفنن على القول المشهور { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } أي عالمٌ بهم وما صدر عنهم من فنون الظلم والمعاصي ، وإِنما وضع الظاهر موضع الضمير " عليمٌ بهم " ذماً لهم ، وتسجيلاً عليهم بأنهم ظالمون { قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ } أي قل لهم يا محمدٍ : إن هذا الموت الذي تهربون منه ، وتخافون أن تتمنوه حتى بلسانكم { فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } أي فإِنه آتيكم لا محالة ، لا ينفعكم الفرار منه كقوله تعالى { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } [ النساء : 78 ] لأنه قدرٌ محتوم ، ولا يغني حذرٌ عن قدر { ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } أي ثم ترجعون إِلى الله الذي لا تخفى عليه خافية { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي فيجازيكم على أعمالكم ، وفيه وعيدٌ وتهديد … ثم شرع تعالى في بيان أحكام الجمعة فقال { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ } أي يا معشر المؤمنين المصدّقين بالله ورسوله ، إِذا سمعتم المؤذن ينادي لصلاة الجمعة ويؤذن لها { فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } أي فامضوا إِلى سماع خطبة الجمعة وأداء الصلاة ، واتركوا البيع والشراء ، اتركوا التجارة الخاسرة واسعوا إِلى التجارة الرابحة قال في التسهيل : والسعيُ في الآية بمعنى المشي لا بمعنى الجري لحديث " إِذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة " . وقال الحسن : واللهِ ما هو بالسعي على الأقدام ، ولقد نهُوا أن يأتوا الصلاة إِلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكنه سعيٌ بالقلوب ، والنية ، والخشوع { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي ذلك السعي إِلى مرضاة الله ، وتركُ البيع والشراء ، خيرٌ لكم وأنفع من تجارة الدنيا ، فإِن نفع الآخرة أجلُّ وأبقى { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أي إن كنتم من أهل العلم القويم ، والفهم السليم { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ } أي فإِذا أديتم الصلاة وفرغتم منها { فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي فتفرقوا في الأرض وانبثوا فيها للتجارة وقضاء مصالحكم { وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } أي واطلبوا من فضل الله وإِنعامه ، فإِن الرزق بيده جلَّ وعلا وهو المنعم المتفضل ، الذي لا يُضيع عمل العامل ، ولا يخيّب أمل السائل { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً } أي واذكروا ربكم ذكراً كثيراً ، باللسان والجنان ، لا وقت الصلاة فحسب { لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي كي تفوزوا بخير الدارين قال سعيد بن جبير : ذكرُ الله طاعته ، فمن أطاع اللهَ فقد ذكره ، ومن لم يطعه فليس بذاكرٍ ولو كان كثير التسبيح … ثم أخبر تعالى أنَّ فريقاً من الناس يؤثرون الدنيا الفانية على الآخرة الباقية ، ويفضلون العاجل على الآجل فقال { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } هذا عتابٌ لبعض الصحابة الذين انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوه قائماً يخطب يوم الجمعة ، والمعنى : إِذا سمعوا بتجارة رابحة ، أو صفقةٍ قادمة ، أو شيء من لهو الدنيا وزينتها ، تفرقوا عنك يا محمد وانصرفوا إِليها ، وأعاد الضمير إِلى التجارة دون اللهو { ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } لأنها الأهم المقصود { وَتَرَكُوكَ قَآئِماً } أي وتركوا الرسول قائماً على المنبر يخطب قال المفسرون : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر يخطب يوم الجمعة ، فأقبلت عيرٌ من الشام بطعام قدم بها " دحية الكلبي " - و كان أصاب أهل المدينة جوعٌ وغلاء سعر - وكانت عادتهم أن تدخل العير المدينة بالطبل والصياح سروراً بها ، فلما دخلت العير كذلك انفضَّ أهل المسجد إِليها ، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر ، ولم يبق معه إِلا اثني عشر رجلاً قال جابر بن عبد الله : أنا أحدهم فنزلت الآية قال ابن كثير : وينبغي أن يعلم أن هذه القصة كانت لمَّا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة كما هو الحال في العيدين ، كما روى ذلك أبو داود { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ } أي قل لهم يا محمد : إِنَّ ما عند الله من الثواب والنعيم ، خير مما أصبتموه من اللهو والتجارة { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } أي خير من رزق وأعطى ، فاطلبوا منه الرزق ، وبه استعينوا لنيل فضله وإِنعامه . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي : 1 - التشبيه التمثيلي { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } لأن وجه الشبه منتزع من متعدد أي مثلهم في عدم الانتفاع بالتوراة ، كمثل الحمار الذي يحمل على ظهره الكتب العظيمة ولا يكون له منها إِلا التعب والعناء . 2 - طباق السلب { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ … وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً } . 3 - الطباق بين { ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } وهو من المحسنات البديعية . 4 - التفنن بتقديم الأهم في الذكر { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً } لأن المقصود الأساسي هو التجارة فقدمها ثم قال { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ } فقدَّم اللهو على التجارة لأن الخسارة بما لا نفع فيه أعظم ، فقدَّم ما هو أهم في الموضعين . 5 - المجاز المرسل { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } أطلق البيع وقصد جميع أنواع المعاملة من بيع وشراء وإِجارة وغيرها . تنبيه : يوم الجمعة سمي بذلك لاجتماع المسلمين فيه للصلاة ، وقد كان يسمى في الجاهلية " يوم العروبة " ومعناه الرحمة كما قال السهيلي ، وأول من سمَّاه جمعة " كعب بن لؤي " وأول من صلى بالمسلمين الجمعة " أسعد بن زرارة " صلى بهم ركعتين وذكَّرهم ، فسميت الجمعة حين اجتمعوا إِليه ، فهي أول جمعة في الإِسلام . فَائِدَة : كان " عراك بن مالك " إِذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال : " اللهم إني أجبتُ دعوتك ، وصليتُ فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين " . لطيفَة : التعبير بقوله تعالى { فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } فيه لطيفة ، وهي أنه ينبغي للمسلم أن يقوم إِلى صلاة الجمعة بعزيمة وهمة ، وجد ونشاط ، لأن لفظ السعي يفيد الجد والعزم ، ولهذا قال الحسن البصري : والله ما هو سعيٌ على الأقدام ، ولكنه سعيٌ بالنيبة والقلوب .