Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 97, Ayat: 1-5)

Tafsir: Ṣawfat at-tafāsīr: tafsīr li-l-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

التفسِير : { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } أي نحن أنزلنا هذا القرآن المعجز في ليلة القدر والشرف قال المفسرون : سميت ليلة القدر لعظمها وقدرها وشرفها ، والمرادُ بإِنزال القرآن إِنزالهُ من اللوح المحفوظ إِلى السماء الدنيا ، ثم نزل به جبريل إِلى الأرض في مدة ثلاث وعشرين سنة كما قال ابن عباس : أنزل الله القرآن جملةً واحدة من اللوح المحفوظ إِلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } تعظيمٌ وتفخيمٌ لأمرها أي وما أعلمك يا محمد ما ليلةُ القدر والشرف ؟ قال الخازن : وهذا على سبيل التعظيم لها والتشويق لخبرها كأنه قال : أي شيء يبلغ علمك بقدرها ومبلغ فضلها ؟ ! ثم ذكر فضلها من ثلاثة أوجه فقال تعالى { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي ليلة القدر في الشرف والفضل خيرٌ من ألف شهر ، لما اختصت به من شرف إِنزال القرآن الكريم فيها قال المفسرون : العمل الصالح في ليلة القدر خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ، وقد روي أن رجلاً لبس السلاح وجاهد في سبيل الله ألف شهر ، فعجب رسول الله والمسلمون من ذلك ، وتمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأُمته فقال يا رب : جعلت أُمتي أقصر الأمم أعماراً ، وأقلها أعمالاً ! ! فأعطاه الله ليلة القدر ، وقال : ليلةُ القدر خيرٌ لك ولأمتك من ألف شهر ، جاهد فيها ذلك الرجل قال مجاهد : عملها وصيامها وقيامها خيرٌ من ألف شهر ، هذا هو الوجه الأول من فضلها ثم قال تعالى { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ } أي تنزل الملائكةُ وجبريل إِلى الأرض في تلك الليلة بأمر ربهم من أجل كل أمرٍ قدَّره الله وقضاه لتلك السنة إِلى السنة القابلة ، وهذا هو الوجه الثاني من فضلها ، والوجه الثالث قوله تعالى { سَلاَمٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ } أي هي سلام من أول يومها إِلى طلوع الفجر ، تسلّم فيها الملائكة على المؤمنين ، ولا يُقدّر الله فيها إِلا الخير والسلامة لبني الإِنسان . البَلاَغَة : تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي : 1 - الإِطناب بذكر ليلة القدر ثلاث مرات ، زيادة في الاعتناء بشأنها ، وتفخيماً لأمرها . 2 - الاستفهام بغرض التفخيم والتعظيم { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } ؟ 3 - ذكر الخاص بعد العام { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ } فذكر جبريل بعد الملائكة لينبه على جلالة قدره . 4 - توافق الفواصل مراعاة لرءوس الآيات مثل { ٱلْقَدْرِ } ، { شَهْرٍ } ، { أَمْرٍ } ، { ٱلْفَجْرِ } وهو من المحسنات البديعية اللفظية والله أعلم .