Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 106, Ayat: 1-4)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه السورة مفصولة عن التي قبلها من المصحف الإمام ، كتبوا بينهما سطر ( بسم الله الرحمٰن الرحيم ) وإن كانت متعلقة بما قبلها ، كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمٰن بن زيد ، لأن المعنى عندهما : حبسنا عن مكة الفيل ، وأهلكنا أهله { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين ، وقيل : المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرحلة في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام في المتاجر وغير ذلك ، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم ، لعظمتهم عند الناس لكونهم سكان حرم الله ، فمن عرفهم احترمهم ومن سار معهم أمن بهم ، وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم ، وأما في حال إقامتهم في البلد فكما قال الله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ } [ العنكبوت : 67 ] ، ولهذا قال تعالى : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ } بدل من الأول ومفسر له ، ولهذا قال تعالى : { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } وقال ابن جرير : الصواب أن اللام لام التعجب ، كأنه يقول : اعجبوا لإيلاف قريش ونعمتي عليهم في ذلك ، قال : وذلك لإجماع المسلمين على أنهما سورتان منفصلتان مستقلتان ، ثم أرشدهم إلى شكر هذه النعمة العظيمة فقال : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } أي فليوحدوه بالعبادة كما جعل لهم حرماً آمناً وبيتاً محرماً ، كما قال تعالى : { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا } [ النمل : 91 ] وقوله تعالى : { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ } أي هو رب البيت وهو الذي أطعمهم من جوع { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } أي تفضل عليهم بالأمن والرخص ، فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، ولا يعبدوا من دونه صنماً ولا نداً ولا وثناً ، ولهذا من استجاب لهذا الأمر ، جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة ، ومن عصاه سلبهما منه ، كما قال تعالى : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } [ النحل : 112 ] ، عن أُسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } ويحكم يا معشر قريش اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف .