Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-4)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هنا وبالله التوفيق ، وأما قوله { أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي هي محكمة في لفظها ، مفصلة في معناها فالقرآن كامل صورة ومعنى ، هذا معنى ما روي عن مجاهد وقتادة واختاره ابن جرير ، وقوله : { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } أي من عند الله الحكيم في أقواله وأحكامه ، الخبير بعواقب الأمور { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي أنزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده لا شريك له ، وقوله : { إِنَّنِي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } أي إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه ، وبشير بالثواب إن أطعتموه ؛ كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد الصفا ، فدعا بطون قريش الأقرب ثم الأقرب ، فاجتمعوا ، فقال : " " يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تصبّحكم ألستم مصدقيّ ؟ " فقالوا : ما جربنا عليك كذباً ، قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " " ، وقوله : { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } أي وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله عزّ وجلّ فيما تستقبلونه ، وأن تستمروا على ذلك : { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً } أي في الدنيا ، { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي في الدار الآخرة ، قاله قتادة ، كقوله : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [ النحل : 97 ] الآية ، وقد جاء في " الصحيح " أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد : " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في فيّ امرأتك " ، عن ابن مسعود في قوله : { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } ، قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات ، فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا ، بقيت له عشر حسنات ، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات ، ثم يقول : هلك من غلب آحاده على أعشاره وقوله : { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } ، هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى ، وكذَّب رسله فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } أي معادكم يوم القيامة ، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } أي وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه وانتقامه من أعدائه ، وإعادة الخلائق يوم القيامة ، وهذا مقام ترهيب كما أن الأول مقام ترغيب .