Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 113, Ayat: 1-5)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن عباس { ٱلْفَلَقِ } : الصبح ، وقال ابن جرير : وهي كقوله تعالى : { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } [ الأنعام : 96 ] ، وقال ابن عباس : { ٱلْفَلَقِ } الخلق ، أمر الله نبيّه أن يتعوذ من الخلق كله ، وقال كعب الأحبار : { ٱلْفَلَقِ } بيت في جهنم ، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره ، قال ابن جرير : والصواب القول ، إنه فلق الصبح ، وهذا هو الصحيح ، وهو اختيار البخاري رحمه الله تعالى ، { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } أي من شر جميع المخلوقات ، قال الحسن البصري : جهنم وإبليس وذريته مما خلق ، { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } قال مجاهد { غَاسِقٍ } الليل { إِذَا وَقَبَ } غروب الشمس ، وقال الحسن وقتادة : إنه الليل إذا أقبل بظلامه ، وقال الزهري : الشمس إذا غربت ، وعن عطية وقتادة : { إِذَا وَقَبَ } الليل إذا ذهب ، وقال أبو هريرة { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } الكوكب ، قال ابن جرير ، وقال آخرون : هو القمر ، قالت عائشة رضي الله عنها : " أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني القمر حين طلع ، وقال : " تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب " " ، ولفظ النسائي : " تعوذي بالله من شر هذا ، هذا الغاسق إذا وقب " ، قال الأولون : هذا لا ينافي قولنا ، لأن القمر آية الليل ، ولا يوجد له سلطان إلاّ فيه ، وكذلك النجوم لا تضيء إلاّ بالليل ، فهو يرجع إلى ما قلناه ، والله أعلم . وقوله تعالى : { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } قال مجاهد وعكرمة : يعني السواحر ، قال مجاهد : إذا رقين ونفثن في العقد ، وفي الحديث : " أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتكيت يا محمد ؟ فقال : " نعم " ، فقال : باسم الله أرقيك ، من كل داء يؤذيك ، ومن شر كل حاسد وعين ، الله يشفيك " ولعل هذا كان من شكواه صلى الله عليه وسلم حين سحر ، ثم عافاه الله تعالى وشفاه ، ورد كيد السحرة الحساد من اليهود في رؤوسهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم . روى البخاري في كتاب الطب من " صحيحه " ، عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر ، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ، ولا يأتيهن . قال سفيان : وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان كذا فقال : " يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه ؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي ، والآخر عن رجليَّ ، فقال الذي عند رأسي للآخر : ما بال الرجل ؟ قال : مطبوب ، قال : ومن طبه ؟ قال ( لبيد بن أعصم ) رجل من بني زريق حليف اليهود كان منافقاً ، قال : وفيم ؟ قال : في مشط ومشاطة ، قال : وأين ؟ قال : في جف طلعة ذكر ، تحت راعوفة في بئر ذروان ، قالت : فأتى البئر حتى استخرجه ، فقال : " هذه بئر التي أُريتها وكأن ماءها نقاعة الحناء وكأن نخلها رؤوس الشياطين " ، قال : فاستخرج ، فقلت : أفلا تنشَّرت ؟ فقال : " أما الله فقد شفاني ، وأكره أن أثير على أحد من الناس شراً " وروى الثعلبي في " تفسيره " ، قال ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما : " كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدبت إليه اليهود . فلم يزالوا به حتى أخذ مشاطة رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، وعدة من أسنان مشطه ، فأعطاها اليهود فسحروه فيها ، وكان الذي تولى ذلك رجل منهم يقال له ( ابن أعصم ) ثم دسها في بئر لبني زريق ، يقال له ذروان ، فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانتثر شعر رأسه ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن ، وجعل يذوب ، ولا يدري ما عراه ، فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما بال الرجل ؟ قال : طبَّ ، قال : وما طب ؟ قال : سحر ، قال : ومن سحره ؟ قال : لبيد بن الأعصم اليهودي ، قال : وبم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة ، قال : وأين هو ؟ قال : في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان ، والجف قشر الطلع ، والراعوفة حجر في أسفل البئر ناتىء يقوم عليه الماتح ، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم : مذعوراً ، وقال : " يا عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي " ، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً والزبير وعمار بن ياسر ، فنزحوا ماء البئر ، كأنه نقاعة الحناء ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخرجوا الجف ، فإذا فيه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه ، وإذا فيه وتر معقود فيه اثنا عشرة عقدة مغروزة بالإبر ، فأنزل الله السورتين ، فجعل كلما قرآ آية انحلت عقدة ، ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة ، فقام كأنما نشط من عقال ، وجعل جبريل عليه السلام يقول : باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من حاسد وعين ، الله يشفيك ، فقالوا : يا رسول الله أفلا نأخذ الخبيث نقتله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أنا فقد شفاني الله ، وأكره أن يثير على الناس شراً " " .