Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 114, Ayat: 1-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه ثلاث صفات من صفات الرب عزَّ وجلَّ : ( الربوبية ) و ( الملك ) و ( الإلٰهية ) ، فهو رب كل شيء ومليكه وإلٰهه ، فجميع الأشياء مخلوقة له مملوكة ، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } وهو الشيطان الموكل بالإنسان فإنه ما من أحد من بني آدم إلاّ وله قرين يزيّن له الفواحش ، ولا يألوه جهداً في الخبال ، والمعصوم من عصمه الله ، وقد ثبت في الصحيح : " " ما منكم من أحد إلاّ وقد وكل به قرينه " قالوا : وأنت يا رسول الله ؟ قال : " نعم إلاّ أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلاّ بخير " " وثبت في الصحيحين " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً - أو قال - شراً " وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي ، عن أنَس بن مالك ، قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم ، فإن ذكر الله خنس ، وإن نسي التقم قلبه ، فذلك الوسواس الخناس " وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب ، وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب ، قال ابن عباس في قوله : { ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها وغفل وسوس ، فإذا ذكر الله خنس . وقوله تعالى : { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } هل يختص هذا ببني آدم كما هو الظاهر ، أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ، ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليباً ، وقوله : { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } هل هو تفصيل لقوله : { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } ثم بيّنهم فقال : { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } وهذا يقوي القول الثاني ، وقيل قوله : { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } تفسير للذي يوسوس في صدور الناس من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ ٱلإِنْسِ وَٱلْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ ٱلْقَوْلِ غُرُوراً } [ الأنعام : 112 ] ، وكما قال الإمام أحمد عن أبي ذر قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال : " يا أبا ذر هل صليت ؟ " قلت : لا ، قال : " قم فصل " قال : فقمت فصليت ، ثم جلست فقال : " يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " ، قال ، فقلت : يا رسول الله وللإنس شياطين ؟ قال : " نعم " " ، وروى الإمام أحمد ، عن ابن عباس قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء ، لأن أخر من السماء أحب إليّ من أن أتكلم به ، قال ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر ، الله أكبر ، الحمد لله الذي ردّ كيده إلى الوسوسة " " .