Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 50-53)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى إخباراً على الملك بتعبير رؤياه التي كان رآها بما أعجبه وأيقنه ، فعرف فضل يوسف عليه السلام وعلمه وحسن اطلاعه على رؤياه فقال : { ٱئْتُونِي بِهِ } أي أخرجوه من السجن وأحضروه ، فلما جاءه الرسول امتنع من الخروج حتى يتحقق الملك ورعيته براءة ساحته ، ونزاهة عرضه مما نسب إليه من جهة امرأة العزيز ، وأن هذا السجن كان ظلماً وعدواناً ، فقال : { ٱرْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ } الآية ، وقد وردت السنة بمدحه على ذلك والتنبيه على فضله وشرفه وعلو قدره ، ففي " المسند " و " الصحيحين " عنه صلى الله عليه وسلم : " نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ } ، ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي " وفي لفظ لأحمد عنه صلى الله عليه وسلم في قوله : { فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ ٱلنِّسْوَةِ ٱللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر " ، وعن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه ، والله يغفر له ، حين سئل عن البقرات العجاف والسمان ، ولو كنت مكانه ما أجبتهم حتى أشترط أن يخرجوني ولقد عجبت من يوسف وصبره وكرمه والله يغفر له حين أتاه الرسول ولو كنت مكانه لبادرتهم الباب ، ولكنه أراد أن يكون له العذر " . وقوله تعالى : { قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } إخبار عن الملك حين جمع النسوة اللاتي قطعن أيديهن عند امرأة العزيز ، فقال مخاطباً لهن كلهن وهو يريد امرأة وزيره وهو العزيز ، قال الملك : { مَا خَطْبُكُنَّ } أي ما شأنكن وخبركن { إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ } يعني يوم الضيافة { قُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ } أي قالت النسوة جواباً للملك : حاش لله أن يكون يوسف متهماً والله ما علمنا عليه من سوء ، فعند ذلك { قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ } ، قال ابن عباس : الآن تبين الحق وظهر وبرز ، { أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } أي في قوله : { هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي } [ يوسف : 26 ] ، { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } تقول : إنما اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي أني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر ، وإنما راودت هذا الشاب مراودة فامتنع ، فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة { وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ * وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } ، تقول المرأة : ولست أبرئ نفسي ، فإن النفس تتحدث وتتمنى ، ولهذا راودته ، { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } أي إلا من عصمه الله تعالى : { إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ، وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام ، وقد قيل : إن ذلك من كلام يوسف عليه السلام يقول : { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ } في زوجته { بِٱلْغَيْبِ } الآيتين ، أي إنما رددت الرسول ليعلم الملك براءتي ، وليعلم العزيز { أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ } في زوجته ، { بِٱلْغَيْبِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ ٱلْخَائِنِينَ } الآية ، وهذا القول هو الذي لم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم سواه . قال ابن جرير ، عن ابن عباس قال : لما جمع الملك النسوة فسألهن هل راودتن يوسف عن نفسه ؟ { قُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوۤءٍ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ ٱلآنَ حَصْحَصَ ٱلْحَقُّ } الآية ، قال يوسف : { ذٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِٱلْغَيْبِ } فقال له جبريل عليه السلام : ولا يوم هممت بما هممت به ؟ فقال : { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } الآية ، وهكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والسدي ، والقول الأول أقوى وأظهر ، لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك ولم يكن يوسف عليه السلام عندهم بل بعد ذلك أحضره الملك .