Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 58-62)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذكر السدي ومحمد بن إسحاق وغيرهما من المفسرين ، أن السبب الذي أقدم إخوة يوسف بلاد مصر أن يوسف عليه السلام لما باشر الوزارة بمصر ، ومضت السنين المخصبة ، ثم تلتها السبع السنين المجدبة ، وعم القحط بلاد مصر بكمالها ووصل إلى بلاد كنعان ، وهي التي فيها يعقوب عليه السلام وأولاده ، وحينئذٍ احتاط يوسف عليه السلام للناس في غلاتهم ، وجمعها أحسن جمع ، فحصل من ذلك مبلغ عظيم ، وورد عليه الناس من سائر الأقاليم ، يمتارون لأنفسهم وعيالهم ، فكان لا يعطي الرجل أكثر من حمل بعير في السنة ، وكان عليه السلام لا يشبع نفسه ، ولا يأكل هو والملك وجنودهما إلا أكلة واحدة في وسط النهار ، حتى يتكفأ الناس بما في أيديهم مدة السبع سنين ، وكان رحمة من الله على أهل مصر ، والغرض أنه كان في جملة من ورد للميرة إخوة يوسف ، فإنه بلغهم أن عزيز مصر يعطي الناس الطعام بثمنه ، فأخذوا معهم بضاعة ، يعتاضون بها طعاماً ، وركبوا عشرة نفر ، واحتبس يعقوب عليه السلام عنده ابنه ( بنيامين ) شقيق يوسف عليه السلام وكان أحب ولده إليه بعد يوسف ، فلما دخلوا على يوسف ، وهو جالس في أبهته ورياسته ، وسيادته عرفهم حين نظر إليهم { وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } أي لا يعرفونه ، لأنهم فارقوه وهو صغير حدث وباعوه للسيارة ولم يدروا أين يذهبون به ، ولا كانوا يستشعرون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه ، فلهذا لم يعرفوه ، وأما هو فعرفهم ، فذكر السدي وغيره ، أنه شرع يخاطبهم ، فقال لهم كالمنكر عليهم : ما أقدمكم بلادي ؟ فقالوا : أيها العزيز قدمنا للميرة ، قال : فلعلكم عيون ؟ قالوا : معاذ الله ، قال : فمن أين أنتم ؟ قالوا : من بلاد كنعان وأبونا يعقوب نبي الله ، قال : وله أولاد غيركم ؟ قالوا : نعم كنا اثني عشر ، فذهب أصغرنا هلك في البرية ، وكان أحبنا إلى أبيه ، وبقي شقيقه فاحتبسه أبوه ليتسلى به عنه ، فأمر بأنزالهم وإكرامهم ، { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ } أي أوفى لهم كيلهم وحمل لهم أحمالهم قال : ائتوني بأخيكم هذا الذي ذكرتم لأعلم صدقكم فيما ذكرتم ، { أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } ؟ يرغبهم في الرجوع إليه ، ثم رهّبهم فقال : { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي } أي إن لم تقدموا به معكم في المرة الثانية فليس لكم عندي ميرة ، { وَلاَ تَقْرَبُونِ * قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } أي سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكن ولا نبقي مجهوداً لتعلم صدقنا فيما قلناه { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ } أي غلمانه ، { ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ } أي التي قدموا بها ليمتاروا عوضاً عنها { فِي رِحَالِهِمْ } أي في أمتعتهم من حيث لا يشعرون { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } بها قيل خشي أن لا يكون عندهم بضاعة أخرى يرجعون للميرة بها ، وقيل : أراد أن يردهم إذا وجدوها في متاعهم تحرجاً وتورعاً ، لأنه يعلم ذلك منهم ، والله أعلم .