Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 27-29)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن المشركين قولهم { لَوْلاَ } أي هلا ، { أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } ، كقولهم : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } [ الأنبياء : 5 ] وقد تقدم الكلام على هذا غير مرة ، وأن الله قادر على إجابة ما سألوا ؛ { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } أي هو المضل والهادي ، سواء بعث الرسول بآية على وفق ما اقترحوا ، أو لم يجبهم إلى سؤالهم ، فإن الهداية والإضلال ليس منوطاً بذلك ، كما قال : { وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ } [ يونس : 101 ] ، وقال : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } [ الأنعام : 111 ] ، ولهذا قال : { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ } أي ويهدي إليه من أناب إلى الله ، ورجع إليه واستعان به وتضرع لديه ، { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ } أي تطيب وتركن إلى جانب الله وتسكن عند ذكره وترضى به مولى ونصيراً ولهذا قال : { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } أي هو حقيقي بذلك ، وقوله : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } ، قال ابن عباس : فرجٌ وقرة عين ، وقال عكرمة : نعم ما لهم ، وقال الضحاك : غبطة لهم . وقال إبراهيم النخعي : خير لهم ، وقال قتادة : يقول الرجل : طوبى لك ، أي أصبت خيراً ، وقيل : حسنى لهم ، { وَحُسْنُ مَآبٍ } أي مرجع ، وهذه الأقوال لا منافاة بينها ، وروى السدي عن عكرمة : طوبى لهم هي الجنة ، وبه قال مجاهد . وروى ابن جرير ، عن شهر بن حوشب قال : طوبى شجرة في الجنة كل شجر الجنة منها أغصانها ، وهكذا روى غير واحد من السلف أن طوبى شجرة في الجنة في كل دار منها غصن منها ، وذكر بعضهم أن الرحمٰن تبارك وتعالى غرسها بيده من حبة لؤلؤة وأمرها أن تمتد ، فامتدت إلى حيث يشاء الله تبارك وتعالى ، وخرجت من أصلها ينابيع أنهار الجنة من عسل وخمر وماء ولبن ، وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " ، قال : فحدثت بها النعمان بن أبي عياش الزرقي فقال : حدثني أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها " وفي " صحيح البخاري " عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } [ الواقعة : 30 ] قال : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها " .