Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 47-48)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مقرراً لوعده ومؤكداً { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } أي من نصرتهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، ثم أخبر تعالى أنه ذو عزة لا يمتنع عليه شيء أراده ولا يغالب ، وذو انتقام ممن كفر به وجحده ، { فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } [ الطور : 11 ] ، ولهذا قال : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } أي وعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض غير الأرض ، كما جاء في الصحيحين ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد " ، وقال الإمام أحمد ، " عن عائشة أنها قالت : أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } قالت : قلت : أين الناس يومئذٍ يا رسول الله ؟ قال : " على الصراط " وقال الإمام مسلم بن الحجاج في " صحيحه " " عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كنت قائماً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه حبر من أحبار يهود فقال : السلام عليك يا محمد ، فدفعته دفعة كاد يصرع منها ، فقال : لم تدفعني ؟ فقلت : ألا تقول يا رسول الله ؟ فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي " ، فقال اليهودي : جئت أسألك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أينفعك شيئاً إن حدثتك " ؟ فقال : أسمع بأذني ، فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه ، فقال : " سل " ، فقال اليهودي : أن يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم في الظلمة دون الجسر " ، قال : فمن أول الناس إجازة ؟ فقال : فقراء المهاجرين " ، فقال اليهودي : فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال : " زيادة كبد النون " ، قال : فما غذاؤهم في أثرها ؟ قال : " ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها " ، قال : فما شرابهم عليه ؟ قال : " من عين فيها تسمى سلسبيلاً " ، قال صدقت . قال : وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان ، قال : أينفعك إن حدثتك " ؟ قال : أسمع بأذني ، قال جئت أسألك عن الولد ، قال : " ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر ، فإذا اجتمعنا فعلا منيّ الرجل منيّ المرأة كان ذكراً بإذن الله تعالى ، وإذا علا منيّ المرأة منيّ الرجل كان أنثى بإذن الله " ، قال اليهودي : لقد صدقت ، وإنك لنبي ، ثم انصرف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به " . وروى أبو جعفر بن جرير الطبري ، عن عمرو بن ميمون يقول : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال : أرض كالفضة البيضاء نقية ، لم يسفك فيها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة ، ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي حفاة عراة كما خلقوا ، قال ، أراه قال قياماً حتى يلجمهم العرق ، وعن عمرو بن ميمون عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله عزّ وجلّ { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ } قال : " أرض بيضاء لم يسفك عليها دم ، ولم يعمل عليها خطيئة " وقال الربيع عن أُبي بن كعب قال : تصير السماوات جناناً . وقال الأعمش ، عن عبد الله بن مسعود : الأرض كلها نار يوم القيامة ، والجنة من ورائها ترى أكوابها وكواعبها ، والذي نفس عبد الله بيده إن الرجل ليفيض عرقاً حتى ترشح في الأرض قدمه ، ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه ، وما مسه الحساب ، قالوا : ممَ ذلك يا أبا عبد الرحمٰن ؟ قال مما يرى الناس ويلقون . وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أَنس عن كعب في قوله : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } قال : تصير السماوات جناناً ويصير مكان البحر ناراً وتبدل الأرض غيرها . وقوله : { وَبَرَزُواْ للَّهِ } أي خرجت الخلائق جميعها من قبورهم لله { ٱلْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي الذي قهر كل شيء وغلبه ، ودانت له الرقاب وخضعت له الألباب .