Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 1-3)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور ، وقوله تعالى : { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } إخبار عنهم أنهم سيندمون على ما كانوا فيه من الكفر ، ويتمنون لو كانوا في الدنيا مسلمين ، ونقل السدي عن ابن عباس ، أن كفار قريش لما عرضوا على النار تمنوا أن لو كانوا مسلمين ، وقيل : المراد أن كل كافر يود عند احتضاره أن لو كان مؤمناً ، وقيل : هذا إخبار عن يوم القيامة ، كقوله تعالى : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنعام : 27 ] ، وقال بعضهم : يحبس الله أهل الخطايا من المسلمين مع المشركين في النار ، قال : فيقول لهم المشركون : ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون في الدنيا ، قال : فيغضب الله لهم بفضل رحمته ، فيخرجهم ، فذلك حين يقول : { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } . وقال مجاهد : يقول أهل النار للموحدين : ما أغنى عنكم إيمانكم ؟ فإذا قالوا ذلك قال الله : أخرجوا من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان ، فعند ذلك قوله : { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } ، وقد ورد في ذلك أحاديث مرفوعة ، فقال الحافظ الطبراني ، عن أنَس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ناساً من أهل لا إلٰه إلا الله يدخلون النار بذنوبهم ، فيقول لهم أهل اللات والعزى : ما أغنى عنكم قولكم : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } وأنتم معنا في النار ؟ فيغضب الله لهم ، فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة ، فيبرؤون من حرقهم ، كما يبرأ القمر من خسوفه ، ويدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين " . الحديث الثاني : عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة ، قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين ؟ قالوا : بلى ، قالوا : فما أغنى عنكم الإسلام وقد صرتم معنا في النار ؟ قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها ، فسمع الله ما قالوا ، فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا ، فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا - قال : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : { الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ * رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } " وقوله : { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ } تهديد شديد لهم ووعيد أكيد ، كقوله تعالى : { قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } [ إبراهيم : 30 ] ، وقوله : { كُلُواْ وَتَمَتَّعُواْ قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُّجْرِمُونَ } [ المرسلات : 46 ] ، ولهذا قال : { وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ } أي عن التوبة والإنابة { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } أي عاقبة أمرهم .