Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 84-88)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن شأن المشركين يوم معادهم في الدار الآخرة ، وأنه يبعث من كل أمة شهيداً وهو نبيها ، يشهد عليها بما أجابته فيما بلغها عن الله تعالى : { ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي في الاعتذار لأنهم يعلمون بطلانه وكذبه كقوله : { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ * وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [ المرسلات : 35 - 36 ] فلهذا قال : { وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ * وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي الذين أشركوا { ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ } أي لا يفتر عنهم ساعة واحدة { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي لا يؤخر عنهم ، بل يأخذهم سريعاً من الموقف بلا حساب ، ثم أخبر تعالى عن تبري آلهتهم منهم أحوج ما يكونون إليها فقال : { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ } أي الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } أي قالت لهم الآلهة كذبتم ما نحن أمرناكم بعبادتنا كما قال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ } [ الأحقاف : 5 ] وقوله : { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } قال : قتادة وعكرمة : ذلوا واستسلموا يومئذٍ ، أي استسلموا لله جميعهم ، فلا أحد إلاّ سامع مطيع . وكقوله : { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } [ مريم : 38 ] أي ما أسمعهم وما أبصرهم يومئذٍ ، وقال : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } [ السجدة : 12 ] الآية ، وقال : { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ } [ طه : 111 ] أي خضعت وذلت واستكانت وأنابت واستسلمت . وقوله : { وَأَلْقَوْاْ إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي ذهب واضمحل ما كانوا يعبدونه افتراء على الله فلا ناصر لهم ولا معين ولا مجير ، ثم قال تعالى : { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً } الآية ، أي عذاباً على كفرهم وعذاباً على صدهم الناس عن اتباع الحق ، وهذا دليل على تفاوت الكفار في عذابهم كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ودرجاتهم ، كما قال تعالى : { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 38 ] .