Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 12-12)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يمتن تعالى على خلقه بآياته العظام ، فمنها مخالفته بين الليل والنهار ليسكنوا في الليل وينتشروا في النهار للمعايش والصنائع والأعمال والأسفار ، وليعلموا عدد الأيام والجمع والشهور والأعوام ، ويعرفوا مضي الآجال المضروبة للديون والعبادات والمعاملات والإجازات وغير ذلك ، ولهذا قال { لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ } : أي في معايشكم وأسفاركم ونحو ذلك ، { وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ } ، فإنه لو كان الزمان كله نسقاً واحداً وأسلوباً متساوياً لما عرف شيء من ذلك ، كما قال تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمُ ٱلْلَّيْلَ سَرْمَداً إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ } [ القصص : 71 ] ، وقال تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } [ الفرقان : 62 ] ، وقال تعالى : { وَلَهُ ٱخْتِلاَفُ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } [ المؤمنون : 80 ] ، وقال { يُكَوِّرُ ٱللَّيْـلَ عَلَى ٱلنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ٱلنَّـهَارَ عَلَى ٱللَّيْلِ } [ الزمر : 5 ] الآية ، وقال تعالى : { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ وَجَعَلَ ٱلْلَّيْلَ سَكَناً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ حُسْبَاناً ذٰلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } [ الأنعام : 96 ] ، ثم إنه تعالى جعل لليل آية ، أي علامة يعرف بها ، وهي الظلام وظهور القمر فيه ، وللنهار علامة ، وهي النور وطلوع الشمس النيرة فيه ، وفاوت بين نور القمر وضياء الشمس ليعرف هذا من هذا ، كما قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } [ يونس : 5 ] ، وقال تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلْحَجِّ } [ البقرة : 189 ] الآية . قال ابن جريج عن عبد الله بن كثير في قوله : { فَمَحَوْنَآ آيَةَ ٱلَّيلِ وَجَعَلْنَآ آيَةَ ٱلنَّهَارِ مُبْصِرَةً } قال : ظلمة الليل وسدف النهار ، وعن مجاهد : الشمس آية النهار ، والقمر آية الليل . وقال ابن عباس : كان القمر يضيء كما تضيء الشمس ، والقمر آية الليل ، والشمس آية النهار ، فمحونا آية الليل السواد الذي في القمر . وقال قتادة : كنا نتحدث أن محو آية الليل سواد القمر الذي فيه ، وجعلنا آية النهار مبصرة أي منيرة ، وخلق الشمس أنور من القمر وأعظم ، وقال ابن عباس { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ آيَتَيْنِ } قال : ليلاً ونهاراً ، كذلك خلقهما الله عزَّ وجلَّ .