Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 59-59)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عن ابن عباس قال : " سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعوا ، فقيل له : إن شئت أن نستأني بهم ، وإن شئت أن يأتيهم الذي سألوا ، فإن كفروا هلكوا . كما هلكت من كان قبلهم من الأمم . قال : " لا بل استأن بهم " ، وأنزل الله تعالى : { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } الآية . وعن ابن عباس قال ، " قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهباً ، ونؤمن بك ، قال : " وتفعلون ؟ " قالوا : نعم ، قال ، فدعا فأتاه جبريل ، فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول لك : إن شئت أصبح لهم الصفا ذهباً ، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين ، وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة ، فقال : " بل باب التوبة والرحمة " " . وقال الحافظ أبو يعلى في " مسنده " : " لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } صاح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي قبيس : " يا آل عبد مناف إني نذير " فجاءته قريش فحذرهم وأنذرهم ، فقالوا : تزعم أنك نبي يوحى إليك وإن سليمان سخر له الريح والجبال ، وإن موسى سخر له البحر ، وإن عيسى كان يحيى الموتى ، فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ، ويفجر لنا الأرض أنهاراً فتتخذ محارث فنزرع ونأكل ، وإلاّ فادع الله أن يحيي لنا موتانا لنكلمهم ويكلمونا ، وإلاّ فادع الله أن يصير لنا هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف ، فإنك تزعم أنك كهيئتهم . قال : فبينا نحن حوله إذ نزل عليه الوحي فلما سري عنه قال : " والذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم ، ولو شئت لكان ، ولكنه خيرني بين أن تدخلوا باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم ، وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فلا يؤمن منكم أحد . فاخترت باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم ، وأخبرني أنه إن أعطاكم ذلك ثم كفرتم أنه يعذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين " ، ونزلت : { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } ، وقرأ ثلاث آيات ، ولهذا قال تعالى : { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ } أي نبعث الآيات ونأتي بها على ما سأل قومك منك ، فإنه سهل علينا يسير لدينا ، إلاّ أنه قد كذب بها الأولون بعد ما سألوها ، وجرت سنتنا فيهم وفي أمثالهم أنهم لا يؤخرون إن كذبوا بها بعد نزولها ، كما قال تعالى في المائدة : { قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ } [ الآية : 115 ] ، وقال تعالى عن ثمود حين سألوا الناقة : { فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } [ هود : 65 ] ، ولهذا قال تعالى : { وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا } : أي دالة على وحدانية من خلقها وصدق رسوله { فَظَلَمُواْ بِهَا } أي كفروا بها ومنعوها شربها وقتلوها ، فأبادهم الله عن آخرهم ، وانتقم منهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر . وقوله تعالى : { وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } قال قتادة : إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من الآيات لعلهم يعتبرون ، ويذكرون ويرجعون ، ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه ، فقال : يا أيها الناس إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه ، وهكذا روي أن المدينة زلزلت على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرات ، فقال عمر أحدثتم والله لئن عادت لأفعلن ولأفعلن ، وفي الحديث المتفق عليه : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، ولكن الله عزَّ وجلَّ يخوف بهما عباده ؛ فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره - ثم قال - يا أمة محمد والله ما أحد أغيرَ من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً " .