Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 29-29)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد للناس هذا الذي جئتكم به من ربكم ، هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك { فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ } ، هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ، ولهذا قال : { إِنَّا أَعْتَدْنَا } أي أرصدنا { لِلظَّالِمِينَ } وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه { نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } أي سورها ، وعن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لسرادق النار أربعة جدر ، كثافة كل جدار مسافة أربعين سنة " وقال ابن عباس { أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا } قال : حائط من نار ، وقوله : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } الآية ، قال ابن عباس : المهل الماء الغليظ ، مثل دردي الزيت ، وقال مجاهد : هو كالدم والقيح ، وقال عكرمة : هو الشيء الذي انتهى حره ، وقال الضحّاك ، ماء جهنم أسود وهي سوداء وأهلها سود ، وهذه الأقوال ليس شيء منها ينفي الآخر ، فإن المهل يجمع هذه الأوصاف الرذيلة كلها ، فهو أسود منتن غليظ حار ، ولهذا قال { يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } : أي من حره ، إذا أراد الكافر أن يشربه وقربه من وجهه شواه ، حتى تسقط جلده وجهه فيه ، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ماء كالمهل ، قال كعكر الزيت فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه " وعن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ } [ إبراهيم : 16 - 17 ] قال : " يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا قرب منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه " ، يقول الله تعالى : { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ } . وقال سعيد بن جبير : إذا جاع أهل النار استغاثوا فأغيثوا بشجرة الزقوم ، فيأكلون منها فاجتثت جلود وجوههم ، فلو أن ماراً مر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم فيها ، ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل ، وهو الذي قد انتهى حره ، فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود ، ولهذا قال تعالى بعد وصفه هذا الشراب بهذه الصفات الذميمة القبيحة { بِئْسَ ٱلشَّرَابُ } أي بئس هذا الشراب ، كما قال في الآية الأخرى : { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } [ محمد : 15 ] ، وقال تعالى : { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } [ الغاشية : 5 ] أي حارة ، كما قال تعالى : { وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [ الرحمٰن : 44 ] { وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } أي وساءت النار منزلاً ومقيلاً ومجتمعاً وموضعاً للارتفاق ، كما قال في الآية الأخرى { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } [ الفرقان : 66 ] .