Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 32-36)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى بعد ذكره المشركين ، المستكبرين عن مجالسة الضعفاء والمساكين من المسلمين ، وافتخروا عليهم بأموالهم وأحسابهم ، فضرب لهم مثلاً برجلين ، جعل الله لأحدهما جنتين ، أي بستانين من أعناب محفوفتين بالنخيل المحدقة في جنباتهما وفي خلالهما الزروع ، وكل من الأشجار والزروع مثمر مقبل في غاية الجودة . ولهذا قال : { كِلْتَا ٱلْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا } أي أخرجت ثمرها { وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً } أي لم تنقص منه شيئاً { وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً } أي والأنهار متفرقة فيها هٰهنا وهٰهنا { وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ } قيل ، والمراد به المال ، وقيل : الثمار ، وهو أظهر هٰهنا ، { فَقَالَ } أي صاحب هاتين الجنتين { لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ } أي يجادله ويخاصمه ، يفتخر عليه ويترأس { أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً } أي أكثر خدماً وحشماً وولداً ، قال قتادة : تلك والله أمنية الفاجر ، كثرة المال ، وعزة النفر . وقوله : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ } أي بكفره وتمرده وتجبره وإنكار المعاد ، { قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً } وذلك اغترار منه ، لما رأى فيها من الزروع والثمار والأشجار والأنهارالمطردة في جوانبها وأرجائها ظن أنها لا تفنى ولا تفرغ ولا تهلك ولا تتلف ، وذلك لقلة عقله وضعف يقينه بالله وإعجابه بالحياة الدنيا وزينتها ، وكفره بالآخرة ، ولهذا قال { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً } أي كائنة ، { وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } أي ولئن كان معاد ورجعة ومرد إلى الله ليكوننَّ لي هناك أحسن من هذا الحظ عند ربي ، ولولا كرامتي عليه ما أعطاني هذا ، كما قال في الآية الأخرى { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } [ فصلت : 50 ] ، وقال : { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } [ مريم : 77 ] .