Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 61-63)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : الجنات التي يدخلها التائبون هي { جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي إقامة { ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ } بظهر الغيب ، أي هي من الغيب الذي يؤمنون به وما رأوه ، وذلك لشدة إيقانهم وقوة إيمانهم . وقوله : { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } تأكيد لحصول ذلك وثبوته واستقراره ، فإن الله لا يخلف الميعاد ولا يبدله ، كقوله { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } [ المزمل : 18 ] أي كائناً لا محالة ، وقوله هٰهنا { مَأْتِيّاً } أي العباد صائرون إليه وسيأتونه ، ومنهم من قال { مَأْتِيّاً } بمعنى آتياً ، لأن كل ما أتاك فقد أتيته ، كما تقول العرب : أتت عليَّ خمسون سنة وأتيت على خمسين سنة كلاهما بمعنى واحد ، وقوله : { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } ، أي هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط تافه لا معنى له ، كما قد يوجد في الدنيا ، وقوله { إِلاَّ سَلاَماً } استثناء منقطع ، كقوله : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [ الواقعة : 25 - 26 ] ، وقوله : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات ، لا أن هناك ليلاً ونهاراً ، ولكنهم في أوقات تتعاقب يعرفون مضيها بأضواء وأنوار ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر ، لا يبصقون فيها ولا يتمخطون فيها ، ولا يتغوطون ، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ، ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، يسبّحون الله بكرة وعشياً " وعن ابن عباس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشهداء على بارق نهر بباب الجنة ، في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً " وقال الضحّاك عن ابن عباس { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قال : مقادير الليل والنهار . وقال ابن جرير ، عن الوليد بن أسلم قال : سألت زهير بن محمد عن قول الله تعالى : { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } قال : ليس في الجنة ليل ، هم في نور أبداً ولهم مقدار الليل والنهار ، يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار ، برفع الحجب وبفتح الأبواب . وقال قتادة : فيها ساعتان بكرة وعشي ، ليس ثم ليل ولا نهار ، وإنما هو ضوء ونور ، وقال مجاهد : ليس بكرة ولا عشي ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا . وقوله : { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } أي هذه الجنة التي وصفنا بهذه الصفات العظيمة هي التي نورثها عبادنا المتقين ، وهم المطيعون لله عزَّ وجلَّ في السراء والضراء ، والكاظمون الغيظ والعافون عن الناس ، وكما قال تعالى في سورة المؤمنين : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْوَارِثُونَ * ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ الآيات : 10 - 11 ] .