Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 129-129)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى إخباراً عن تمام دعوة إبراهيم لأهل الحرم أن يبعث الله فيهم رسولاً منهم ، أي من ذرية إبراهيم ، وقد وافقت هذه الدعوة المستجابة قدر الله السابق في تعيين محمد صلوات الله وسلامه عليه رسولاً في الأميين إليهم ، وإلى سائر الأعجمين من الإنس والجن ، كما قال الإمام أحمد عن العرباض بن سارية : قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول ذلك ، دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأيت ، وكذلك أمهات النبيين يرين " . وقال أبو أمامة قلت : يا رسول الله ما كان أول بدء أمرك ؟ قال : " دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى بي ، ورأت أمي أنه خرج منها نورٌ أضاءت له قصور الشام " والمراد أن أول من نوه بذكره وشهره في الناس إبراهيم عليه السلام ، ولم يزل ذكره في الناس مذكوراً مشهوراً سائراً ، حتى أفصح باسمه خاتم أنبياء بني إسرائيل نسباً وهو ( عيسى ابن مريم ) عليه السلام حيث قال في بني إسرائيل خطيباً ، وقال : { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي ٱسْمُهُ أَحْمَدُ } [ الصف : 6 ] ، ولهذا قال في هذا الحديث : دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى ابن مريم . وقوله : " ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام " ، قيل : كان مناماً رأته حتى حملت به وقصَّته على قومها ، فشاع فيهم واشتهر بينهم ، وكان ذلك توطئة ! وتخصيصُ الشام بظهور نوره إشارة إلى استقرار دينه ونبوته ببلاد الشام ، ولهذا تكون الشام في آخر الزمان معقلاً للإسلام وأهله ، وبها ينزل ( عيسى ابن مريم ) إذا نزل بدمشق بالمنارة الشرقية البيضاء منها ، ولهذا جاء في الصحيحين : " لا تزال طائفة من أُمّتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " وفي صحيح البخاري " وهم بالشأم " . قوله : { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ } يعني أُمّة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان ، وقوله تعالى : { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ } يعني القرآن ، { وَٱلْحِكْمَةَ } يعني السنة ، قاله الحسن وقتادة ، وقيل : الفهم في الدين ، ولا منافاة . { وَيُزَكِّيهِمْ } قال ابن عباس : يعني طاعة الله والإخلاص ، وقال محمد بن إسحاق : { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ } : يعلمهم الخير فيفعلوه والشر فيتقوه ، ويخبرهم برضا الله عنهم إذا أطاعوه ليستكثروا من طاعته ويجتنبوا ما يسخطه من معصيته ، وقوله : { إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ ٱلحَكِيمُ } أي العزيز الذي لا يعجزه شيء وهو قادر على كل شيء ، الحكيم في أفعاله وأقواله فيضع الأشياء في محالها لعلمه وحكمته وعدله .