Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 151-152)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يذكِّر تعالى عباده المؤمنين ، ما أنعم به عليهم من بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليهم ، يتلو عليهم آيات الله مبينات " ويزكيهم " أي يطهرهم من رذائل الأخلاق ، ودنس النفوس وأفعال الجاهلية ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، ويعلمهم الكتاب وهو القرآن ، والحكمة وهي السنّة ، ويعلِّمهم ما لم يكونوا يعلمون ، فكانوا في الجاهلية الجهلاء يُسفِّهون بالقول القُرّاء ، فانتقلوا ببركة رسالته ، ويمن سفارته ، إلى حال الأولياء ، وسجايا العلماء ، فصاروا أعمق الناس علماً ، وأبرهم قلوباً ، وأقلهم تكلفاً ، وأصدقهم لهجة . وقال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } [ آل عمران : 164 ] الآية . وذمّ من لم يعرف قدر هذه النعمة فقال تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ ٱلْبَوَارِ } [ إبراهيم : 28 ] ، قال ابن عباس : يعني بنعمة الله محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا ندب الله المؤمنين إلى الاعتراف بهذه النعمة ومقابلتها بذكره وشكره . وقال : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } ، قال مجاهد في قوله : { كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ } يقول : كما فعلتُ فاذكروني . قال زيد بن أسلم : إن موسى عليه السلام قال : يا رب كيف أشكرك ؟ قال له ربه : " تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني ، وإذ نسيتني فقد كفرتني " قال الحسن البصري : إن الله يذكر من ذكره ، ويزيد من شكره ، ويعذب من كفره ، وقال بعض السلف في قوله تعالى : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } [ آل عمران : 102 ] هو " أن يطاع فلا يعصى ، ويُذكر فلا يُنْسى ، ويُشْكَر فلا يُكْفر " وقال الحسن البصري في قوله : { فَٱذْكُرُونِيۤ أَذْكُرْكُمْ } اذكروني فيما افترضت عليكم اذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي ، وعن سعيد بن جبير : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي ، وفي رواية برحمتي . وفي الحديث الصحيح : " يقول الله تعالى مَن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومَن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " وعن أَنَس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله عزّ وجلّ يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي ، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة - أو قال في ملأ خير منه - وإن دنوت مني شبراً دنوتُ منك ذراعاً ، وإن دنوت مني ذراعاً دنوت منك باعاً ، وإن أتيتني تمشي أتيتك هرولةً " قال قتادة : الله أقرب بالرحمة وقوله : { وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } أمر الله تعالى بشكره ، ووعد على شكره بمزيد الخير ، فقال : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم : 7 ] . روى أبو رجاء العطاردي قال : خرج علينا ( عمران بن حصين ) وعليه مطرف من خز لم نره عليه قبل ذلك ولا بعده ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أنعم الله عليه نعمة فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه " وروي : على عبده .