Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 155-157)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أخبرنا تعالى أنه يبتلي عباده أي يختبرهم ويمتحنهم ، كما قال تعالى : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } [ محمد : 31 ] فتارةً بالسرّاء ، وتارة بالضراء من خوف وجوع ، كما قال تعالى : { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ } [ النحل : 112 ] ، فإن الجائع والخائف كل منهما يظهر ذلك عليه ، ولهذا قال : { لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ } [ النحل : 112 ] ، وقال هٰهنا : { بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ } أي بقليل من ذلك ، { وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ } أي ذهاب بعضها { وَٱلأَنفُسِ } كموت الأصحاب والأقارب والأحباب ، { وَٱلثَّمَرَاتِ } أي لا تغل الحدائق والمزارع كعادتها ، قال بعض السلف : فكانت بعض النخيل لا تثمر غير واحدة ، وكل هذا وأمثاله مما يختبر الله به عباده ، فمن صبر أثابه ومن قنط أحل به عقابه ، ولهذا قال تعالى : { وَبَشِّرِ ٱلصَّابِرِينَ } . ثمَّ بيَّن تعالى مَنِ الصابرون الذين شكرهم فقال : { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } أي تسلوا بقولهم هذا عمّا أصابهم ، وعلموا أنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما يشاء ، وعلموا أنه لا يضيع لديه مثقال ذرة يوم القيامة ، فأحدث لهم ذلك اعترافهم بأنهم عبيده وأنهم إليه راجعون في الدار الآخرة ، ولهذا أخبر تعالى عما أعطاهم على ذلك فقال : { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } أي ثناء من الله عليهم { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } . قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب : نعم العِدْلان ونعمت العِلاوة { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ } فهذا العدلان { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } فهذه العلاوة ، وهي ما توضع بين العدلين ، وهي زيادة في الحمل فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضاً . وقد ورد في ثواب الاسترجاع عند المصائب أحاديث كثيرة ، فمن ذلك ما رواه الإمام أحمد عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوماً من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً سررت به ، قال : " لا يصيب أحداً من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول : اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها ، إلا فعل ذلك به " ، قالت أم سلمة : فحفظت ذلك منه ، فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت : اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها ، ثم رجعت إلى نفسي ، فقلت : من أين لي خير من أبي سلمة ؟ فلما انقضت عدتي استأذن عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهاباً لي ، فغسلت يدي من القرظ وأذنت له ، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف فقعد عليها فخطبني إلى نفسي ، فلما فرغ من مقالته قلت : يا رسول الله ما بي أن لا يكون بك الرغبة ، ولكني امرأة فيَّ غيرة شديدة ، فأخاف أن ترى مني شيئاً يعذبني الله به ، وأنا امرأة قد دخلت في السن وأنا ذات عيال ، فقال : " أمّا ما ذكرتِ من الغيرة فسوف يُذهبها الله عزّ وجلّ عنك ، وأمّا ما ذكرتِ من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك ، وأمّا ما ذكرتِ من العيال فإنما عيالك عيالي " ، قالت : فقد سلَّمتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت أم سلمة بعد : أبدلني الله بأبي سلمة خيراً منه : رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول : { إِنَّا للَّهِ وَإِنَّـآ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ } اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيراً منها " ، قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيراً منه : رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم ولا مسلمة يُصاب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها فيحدث لذلك استرجاعاً إلا جدّد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب " وعن أبي سنان قال : دفنت ابناً لي فإني لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة ( يعني الخولاني ) فأخرجني وقال لي : ألا أبشِّرك ؟ قلت : بلى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله : يا ملك الموت قبضت ولد عبدي ؟ قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده ؟ قال : نعم ، قال : فما قال ؟ قال : حمدك واسترجع ، قال : ابنوا له بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد " .