Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 165-167)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يذكر تعالى حال المشركين به في الدنيا وما لهم في الدار الآخرة ، حيث جعلوا له أنداداً أي أمثالاً ونظراء ، يعبدونهم معه ويحبونهم كحبه ، وهو الله لا إله إلا هو ولا ضد له ولا ند له ولا شريك معه ، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال ، قلت : يا رسول الله أَيُّ الذنْب أعظم ؟ قال : " أن تجعل لله نداً وهو خلقك " وقوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ } ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له لا يشركون به شيئاً ، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ، ويلجأون في جميع أمورهم إليه . ثم توعد تعالى المشركين به الظالمين لأنفسهم بذلك فقال : { وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } . قال بعضهم : تقدير الكلام لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذٍ أن القوة لله جميعاً ، أي أن الحكم له وحده لا شريك له وأن جميع الأشياء تحت قهره وغلبته وسلطانه ، { وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ } ، كما قال : { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلاَ يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ } [ الفجر : 25 - 26 ] . يقول : لو يعلمون ما يعاينونه هنالك ، وما يحل بهم من الأمر الفظيع ، المنكر الهائل على شركهم وكفرهم ، لانتهوا عمّا هم فيه من الضلال . ثم أخبر عن كفرهم بأوثانهم ، وتبري المتبوعين من التابعين فقال : { إِذْ تَبَرَّأَ ٱلَّذِينَ ٱتُّبِعُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ } ، تبرأت منهم الملائكة الذين كانوا يزعمون أنهم يعبدونهم في الدار الدنيا ، فتقول الملائكة : { تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُوۤاْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [ القصص : 63 ] ، ويقولون : { سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } [ سبأ : 41 ] . والجن أيضاً تتبرأ منهم ويتنصلون من عبادتهم لهم ، كما قال تعالى : { وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } [ الأحقاف : 6 ] . وقال تعالى : { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } [ مريم : 82 ] . وقوله : { وَرَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } أي عاينوا عذاب الله وتقطعت بهم الحيل وأسباب الخلاص ولم يجدوا عن النار معدلاً ولا مصرفاً ، قال ابن عباس : { وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ ٱلأَسْبَابُ } المودة ، وقوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا } أي لو أن لنا عودة إلى الدار الدنيا ، حتى نتبرأ من هؤلاء ومن عبادتهم ، فلا نلتفت إليهم بل نوحّد الله وحده بالعبادة ، وهم كاذبون في هذا بل لو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ، كما أخبر الله تعالى عنهم بذلك ، ولهذا قال : { كَذَلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ } أي تذهب وتضمحل ، كما قال تعالى : { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } [ الفرقان : 23 ] ، وقال تعالى : { مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ } [ إبراهيم : 18 ] الآية . وقال تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً } [ النور : 39 ] الآية . ولهذا قال تعالى : { وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ } .