Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 213-213)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن جرير : عن ابن عباس قال : كان بين نوح وآدم عشرة قرون ، كلهم على شريعة من الحق ، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، قال : وكذلك هي في قراءة عبد الله { كان الناس أمة واحدة فاختلفوا } ، وقال قتادة في قوله : { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } قال : كانوا على الهدى جميعاً { فاختلفوا فبعث الله النبيين } فكان أول من بعث نوحاً . وقال العوفي عن ابن عباس : { كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } يقول : كانوا كفاراً { فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ } والقول الأول عن ابن عباس أصح سنداً ومعنى ، لأن الناس كانوا على ملة آدم حتى عبدوا الأصنام ، فبعث الله إليهم نوحاً عليه السلام ، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض ، ولهذا قال تعالى : { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ } أي من بعد ما قامت الحجج عليهم ، وما حملهم على ذلك إلى البغي من بعضهم على بعض { فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . وعن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ، نحن أول الناس دخولاً الجنة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم ، فهدانا الله لمّا اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع فغداً لليهود ، وبعد غدٍ للنصارى " . وعن عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قوله : { فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ } فاختلفوا في يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت ، والنصارى يوم الأحد ، فهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة . واختلفوا في القبلة ، فاستقبلت النصارى المشرق ، واليهود بيت المقدس ، فهدى الله أمة محمد للقبلة . واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع ولا يسجد ، ومنهم من يسجد ولا يركع ، ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي ، فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك ، واختلفوا في الصيام فمنهم من يصوم بعض النهار ، ومنهم من يصوم عن بعض الطعام ، فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك ، واختلفوا في إبراهيم عليه السلام فقالت اليهود : كان يهودياً ، وقالت النصارى : كان نصرانياً ، وجعله الله حنيفاً مسلماً فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك ، واختلفوا في عيسى عليه السلام ، فكذبت به اليهود وقالوا لأمه بهتاناً عظيماً ، وجعلته النصارى إلٰهاً وولداً ، وجعله الله روحه وكلمته ، فهدى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم للحق من ذلك . وكان أبو العالية يقول : في هذه الآية المخرج من الشبهات والضلالات والفتن . وقوله تعالى : { بِإِذْنِهِ } أي بعلمه بهم وبما هداهم له قاله ابن جرير : { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } أي من خلقه { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي وله الحكمة والحجة البالغة ، وفي صحيح البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يصلي يقول : " اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم " وفي الدعاء المأثور : " اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبساً علينا ، فنضل ، واجعلنا للمتقين إماماً " .