Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 67-67)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : واذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم في خرق العادة لكم في شأن البقرة ، وبيان القاتل من هو بسببها ، وإحياء الله المقتول ونصه على من قتله منهم . ( ذكر بسط القصة ) عن عبيدة السلماني ، قال : كان رجل من بني إسرائيل عقيماً لا يولد له ، وكان له مال كثير ، وكان ابن أخيه وارثه ، فقتله ثم احتمله ليلاً فوضعه على باب رجل منهم ، ثم أصبح يدعيه عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم على بعض ، فقال ذوو الرأي منهم والنُّهَى : علام يقتل بعضكم بعضاً وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى عليه السلام فذكروا ذلك له ، فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } . قال : فلو لم يعترضوا لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنهم شدَّدوا فشدَّد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أُمروا بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها ، فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها ذهباً ، فأخذوها بملء جلدها ذهباً فذبحوها فضربوه ببعضها فقام ، فقالوا : من قتلك ؟ فقال : هذا - لابن أخيه - ثم مال ميتاً ، فلم يعط من ماله شيئاً فلم يورث قاتل بعد . وقوله تعالى : { إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ } [ البقرة : 68 ] يعني لا هرمة ، { وَلاَ بِكْرٌ } [ البقرة : 68 ] يعني ولا صغيرة ، { عَوَانٌ بَيْنَ ذٰلِكَ } [ البقرة : 68 ] أي نَصَفٌ بين البكر والهرمة . { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا } [ البقرة : 69 ] أي صاف لونها { تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } [ البقرة : 69 ] أي تعجب الناظرين ، { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ } [ البقرة : 70 - 71 ] أي لم يذللها العمل ، { تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ } [ البقرة : 71 ] يعني وليست بذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث يعني ولا تعمل في الحرث { مُسَلَّمَةٌ } [ البقرة : 71 ] يعني مسلَّمة من العيوب { لاَّ شِيَةَ فِيهَا } [ البقرة : 71 ] يقول لا بياض فيها { قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ } [ البقرة : 71 ] . ولو أن القوم حين أُمروا بذبح بقرة ، استعرضوا بقرة من البقر فذبحوها لكانت إياها ، ولكن شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم ، ولولا أن القوم استثنوا فقالوا : { وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ } [ البقرة : 70 ] لما هُدوا إليها أبداً . وقال السُّدي { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } قال : كان رجل من بني إسرائيل مكثراً من المال فكانت له ابنة وكان له ابن أخ محتاج فخطب إليه ابن أخيه ابنته فأبى أن يزوجه ، فغضب الفتى وقال والله لأقتلن عمي ولآخذن ماله ، ولأنكحن ابنته ولآكلن ديّته ، فأتاه الفتى - وقد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل - فقال : يا عم انطلِق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلّي أن أصيب منها فإنهم إذا رأوك معي أعطوني ، فخرج العم مع الفتى ليلاً ، فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ثم رجع إلى أهله ، فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمّه كأنه لا يدري أين هو فلم يجده ، فانطلق نحوه ، فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه فأخذهم ، وقال : قتلتم عمي فأدّوا إليَّ دَيته ، فجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادي : واعمّاه ، فرفعهم إلى موسى فقضى عليهم بالدية . فقالوا له : يا رسول الله ادع لنا ربك حتى يبين لنا من صاحبه فيؤخذ صاحب القضية ، فوالله إن ديته علينا لهيِّنة ، ولكن نستحيي أن نعيَّر به فذلك حين يقول تعالى : { وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } [ البقرة : 72 ] ، فقال لهم موسى : { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } ، قالوا : نسألك عن القتيل وعمن قتله وتقول اذبحوا بقرة أتهزأ بنا ؟ { قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } . قال ابن عباس : فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ، ولكن شدَّدوا وتعنَّتوا على موسى فشدَّد الله عليهم . والفارض الهرمة التي لا تولد ، والبكر التي لم تلد إلا ولداً واحداً ، والعَوَان النصْفُ التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها { فَٱفْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ * قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا } [ البقرة : 68 - 69 ] قال نقي لونها { تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ } [ البقرة : 69 ] قال تعجب الناظرين { قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ ٱلبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا } [ البقرة : 70 - 71 ] من بياض ولا سواد ولا حمرة { قَالُواْ ٱلآنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ } [ البقرة : 71 ] فطلبوها - من صاحبها - وأعطوا وزنها ذهباً فأبى فأضعفوه له حتى أعطوه وزنها عشر مرات ذهباً فباعهم إيّاها وأخذ ثمنها فذبحوها ، قال : اضربوه ببعضها فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش فسألوه مَن قتلك فقال لهم ابن أخي قال : أقتله فآخذ ماله وأنكح ابنته ، فأخذوا الغلام فقتلوه .