Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 7-7)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ خَتَمَ ٱللَّهُ } أي طبع على قلوبهم وعلى سمعهم { وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } فلا يبصرون هدى ، ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون . قال مجاهد : الختم : الطبعُ ، ثبتت الذنوب على القلب فحفَّت به من كل نواحيه حتى تلتقي عليه ، فالتقاؤها عليه الطبعُ ، والطبعُ الختم ، وقد وصف تعالى نفسه بالختم والطبع على قلوب الكافرين مجازاة لكفرهم كما قال : { بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ } [ النساء : 155 ] ، وفي الحديث " يا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك " . قال ابن جرير : وقال بعضهم : إن معنى قوله تعالى : { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ } إخبار من الله عن تكبرهم وإعراضهم عن الاستماع لما دُعوا إليه من الحق ، كما يقال : فلان أصمُّ عن هذا الكلام ، إذا امتنع من سماعه ورَفَع نفسه عن تفهمه تكبراً ، قال : وهذا لا يصح لأن الله قد أخبر أنه هو الذي ختم على قلوبهم وأسماعهم . قلت : وقد أطنب الزمخشري في تقرير ما ردّه ابن جرير هٰهنا ، وتأول الآية من خمسة أوجه وكلها ضعيفة جداً ، وما جرّأه على ذلك إلاّ اعتزاله ، لأن الختم على قلوبهم ومنعها من وصول الحق إليها قبيح عنده يتعالى الله عنه في اعتقاده . ولو فهم قوله تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [ الصف : 5 ] ، وقوله : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 110 ] وما أشبه ذلك من الآيات الدالة على أنه تعالى إنما ختم على قلوبهم وحال بينهم وبين الهدى جزاء وفاقاً على تماديهم في الباطل وتركهم الحق - وهذا عدل منه تعالى حسنٌ وليس بقبيح - فلو أحاط علماً بهذا لما قال ما قال . قال ابن جرير : والحق عندي في ذلك ما صح بنظيره الخبرُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن المؤمن إذا أذنب ذنباً كانت نكتةٌ سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستعتب صقل قلبه ، وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، فذلك الران الذي قال الله تعالى : { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } " فأخبر صلى الله عليه وسلم أن الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلقتها ، وإذا أغلقتها أتاها حينئذٍ الختم من قبل الله تعالى والطبع ، فلا يكون للإيمان إليها مسلك ، ولا للكفر عنها مخلص ، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكره الله في قوله : { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ } نظيرُ الطبع والختم على ما تدركه الأبصار من الأوعية والظروف .