Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 83-83)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يذكّر تبارك وتعالى بني إسرائيل بما أمرهم من الأوامر ، وأخذه ميثاقهم على ذلك ، وأنهم تولوا عن ذلك كله وأعرضوا قصداً وعمداً ، وهم يعرفونه ويذكرونه ، فأمرهم تعالى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وبهذا أمر جميع خلقه ولذلك خلقهم كما قال تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّاغُوتَ } [ النحل : 36 ] ، وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها ، وهو حق الله تبارك وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له ثم بعده حق المخلوقين . وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين ، ولهذا يقرن تبارك وتعالى بين حقه وحق الوالدين كما قال تعالى : { أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } [ لقمان : 14 ] . وقال تبارك وتعالى : { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [ الإسراء : 23 ] ، إلى أن قال : { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } [ الإسراء : 26 ] . وفي الصحيحين عن ابن مسعود قلت : " يا رسول الله أيُّ العمل أفضل ؟ قال : " الصلاة على وقتها " ، قلت : ثم أي ؟ قال : " بر الوالدين " ، قلت : ثم أيِّ ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رجلاً قال : " يا رسول الله مَن أبر ؟ قال : " أمك " ، قال : ثم مَن ؟ قال : " أمك " ، قال : ثم من ؟ قال : " أباك ؟ ثم أدناك ثم أدناك " وقوله تعالى : { لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ } قال الزمخشري : خبر بمعنى الطلب وهو آكد . وقيل : كان أصله { أن لا تعبدوا إلا الله } فحذفت ( أن ) فارتفع . { وَالْيَتَامَىٰ } وهم الصغار الذين لا كاسب لهم من الآباء ، { وَٱلْمَسَاكِينِ } الذين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وأهليهم . وقوله تعالى : { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً } أي كلموهم طيباً ولينوا لهم جانباً ، ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر بالمعروف ، كما قال الحسن البصري أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحلم ويعفو ويصفح ، ويقول للناس حسناً كما قال الله ، وهو كل خلق حسن رضيه الله . كما روي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً وإن لم تجد فالق أخاك بوجه منطلق " يأمرهم بأن يقولوا للناس حسناً ، بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل ، فجمع بين طرفي الإحسان ( الفعلي ) و ( القولي ) ثم أكد الأمر بعبادته والإحسان إلى الناس بالمتعين من ذلك وهو الصلاة والزكاة ، فقال : { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } ، وأخبر أنهم تولوا عن ذلك كله ، أي تركوه وراء ظهورهم وأعرضوا عنه على عمد ، بعد العلم به إلا القليل منهم ، وقد أمر الله هذه الأمة بنظير ذلك في سورة النساء بقوله : { وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ } [ النساء : 36 ] الآية .