Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 53-56)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه عزّ وجلّ ، حين سأله فرعون عنه فقال : { ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } [ طه : 50 ] ، ثم اعترض الكلام بين ذلك ، ثم قال : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً } أي قراراً تستقرون عليها وتقومون وتنامون عليها ، وتسافرون على ظهرها ، { وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً } أي جعل لكم طرقاً تمشون في مناكبها كما قال تعالى : { وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } [ الأنبياء : 31 ] ، { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } أي من أنواع النباتات من زروع وثمار ، ومن حامض وحلو ومر ، وسائر الأنواع ، { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ } أي شيء لطعامكم وفاكهتكم ، وشيء لأنعامكم لأقواتها خضراً ويبساً ، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ } أي لدلالات وحججاً وبراهين ، { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } أي لذوي العقول السليمة المستقيمة ، { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } أي من الأرض مبدؤكم ، فإن أباكم آدم مخلوق من تراب من أديم الأرض ، وفيها نعيدكم أي وإليها تصيرون إذا متم وبليتم ومنها نخرجكم تارة أخرى ، { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 52 ] . وهذه الآية كقوله تعالى : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } [ الأعراف : 25 ] ، وفي الحديث الذي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حضر جنازة ؛ فلما دفن الميت أخذ قبضة من التراب فألقاها في القبر ، وقال : منها خلقناكم ، ثم أخذ أخرى وقال : وفيها نعيدكم ، ثم أخرى وقال : ومنها نخرجكم تارة أخرى ، وقوله : { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } ، يعني فرعون أنه قامت عليه الحجج والآيات والدلالات ، وعاين ذلك وأبصره فكذب بها وأباها كفراً وعناداً وبغياً ، كما قال تعالى : { وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [ النمل : 14 ] الآية .