Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 83-89)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما سار موسى عليه السلام ببني إسرائيل بعد هلاك فرعون ، وواعد ربه ثلاثين ليلة ثم أتبعها عشراً فتمت أربعين ليلة ، أي يصومها ليلاً ونهاراً ، وقد تقدم في حديث الفتون بيان ذلك ، فسارع موسى عليه السلام مبادراً إلى الطور ، واستخلف على بني إسرائيل أخاه هارون ، ولهذا قال تعالى : { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ * قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي } أي قادمون ينزلون قريباً من الطور ، { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } أي لتزداد عني رضا ، { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } ، أخبر تعالى نبيّه موسى بما كان بعده من الحدث في بني سرائيل ، وعبادتهم العجل الذي عمله لهم ذلك السامري ، وقوله { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } أي رجع بعد ما أخبره تعالى بذلك في غاية الغضب والحنق عليهم ، والأسف : شدة الغضب ، وقال مجاهد { غَضْبَانَ أَسِفاً } ؛ أي جزعاً ، وقال قتادة والسدي : أسفاً حزيناً على ما صنع قومه من بعده ، { قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } أي أما وعدكم على لساني كل خير في الدنيا والآخرة وحسن العاقبة كما شاهدتم من نصرته إياكم على عدوكم وإظهاركم عليه ، وغير ذلك من أيادي الله ، { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } أي في انتظار ما وعدكم الله ونسيان ما سلف من نعمه { أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ } " أم " هٰهنا بمعنى بل ، هي للإضراب عن الكلام الأول ، وعدول إلى الثاني ؛ كأنه يقول : بل أردتم بصنيعكم هذا أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي ، قالوا - أي بنو إسرائيل ، في جواب ما أنبهم موسى وقرعهم - { مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا } أي عن قدرتنا واختيارنا ، ثم شرعوا يعتذرون بالعذر البارد ، يخبرونه عن تورعهم عما كان بأيديهم من حلي القبط الذي كانوا قد استعاروه منهم حين خرجوا من مصر ، { فَقَذَفْنَاهَا } أي ألقيناها عنا ، ودعا السامري أن يكون عجلاً ، فكان عجلاً { لَّهُ خُوَارٌ } أي صوت ، استدراجاً وإمهالاً ومحنة واختباراً ولهذا قال : { فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ * فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ } . عن ابن عباس ، أن هارون مر بالسامري وهو ينحت العجل ، فقال له : ما تصنع ؟ فقال : أصنع ما يضر ولا ينفع ، فقال هارون : اللهم أعطه ما سألك على ما في نفسه ، ومضى هارون وقال السامري : اللهم إني أسألك أن يخور ، فخار ، فكان إذا خار سجدوا له ، وإذا خار رفعوا رؤوسهم ، وقال السدي : كان يخور ويمشي ، فقالوا : أي الضُلاّل منهم الذين افتتنوا بالعجل وعبدوه { هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } أي نسيه هٰهنا وذهب يتطلبه ، وعن ابن عباس { فَنَسِيَ } أي نسي أن يذكركم أن هذا إلهكم ، فعكفوا عليه وأحبوه حباً لم يحبوا شيئاً قط ، قال الله تعالى رداً عليهم وتقريعاً لهم وبياناً لفضيحتهم وسخافة عقولهم فيما ذهبوا إليه : { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } أي العجل ، فلا يرون أنه لا يجيبهم إذا سألوه ، ولا إذا خاطبوه ، ولا يملك لهم ضراً ولا نفعاً ، أي في دنياهم ولا في أخراهم ، قال ابن عباس : لا والله ما كان خواره إلاّ أن يدخل الريح في دبره فيخرج من فمه فيسمع له صوت ، وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط فألقوها عنهم ، وعبدوا العجل فتورعوا عن الحقير وفعلوا الأمر الكبير ، كما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر ، أنه سأله رجل من أهل العراق عن دم البعوض إذا أصاب الثوب ، يعني هل يصلي فيه أم لا ؟ فقال ابن عمر رضي الله عنهما : انظروا إلى أهل العراق ! قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يعني الحسين ، وهم يسألون عن دم البعوضة ! .