Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 16-20)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض بالحق أي بالعدل والقسط ، ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، وأنه لم يخلق ذلك عبثاً ولا لعباً ، كما قال : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } [ ص : 27 ] ، وقوله تعالى : { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَاعِلِين } ، قال مجاهد : يعني من عندنا ، يقول : وما خلقنا جنة ولا ناراً ولا موتاً ولا بعثاً ولا حساباً . وقال الحسن وقتادة { لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً } اللهو : المرأة بلسان أهل اليمن ، وقال إبراهيم النخعي { لاَّتَّخَذْنَاهُ } من الحور العين . وقال عكرمة والسدي : والمراد باللهو هٰهنا الولد ، وهذا والذي قبله متلازمان ، وهو كقوله تعالى : { لَّوْ أَرَادَ ٱللَّهُ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً لاَّصْطَفَىٰ مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ سُبْحَانَهُ هُوَ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } [ الزمر : 4 ] فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقاً ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو العزير أو الملائكة { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً } [ الإسراء : 43 ] ، وقوله { إِن كُنَّا فَاعِلِينَ } قال قتادة والسدي : أي ما كنا فاعلين ، وقال مجاهد : كل شيء في القرآن " إن " فهو إنكار . وقوله : { بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَاطِلِ } أي نبين الحق فيدحض الباطل ولهذا قال : { فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } أي ذاهب مضمحل ، { وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ } أي أيها القائلون لله ولد { مِمَّا تَصِفُونَ } أي تقولون وتفترون . ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ودأبهم في طاعته ليلاً ونهاراً ، فقال : { وَلَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ } يعني الملائكة { لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } : أي لا يستنكفون عنها كما قال : { لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } [ النساء : 172 ] ، وقوله : { وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ } أي لا يتبعون ولا يملون ، { يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } فهم دائبون في العمل ليلاً ونهاراً مطيعون قصداً وعملاً ، قادرون عليه كما قال تعالى : { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم : 6 ] . وقال محمد بن إسحاق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام ، فقلت له : أرأيت قول الله تعالى للملائكة : { يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل ؟ فقال : من هذا الغلام ؟ فقالوا : من بني عبد المطلب ، قال : فقبّل رأسي ثم قال : يا بني إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس ، أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس ؟ .