Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 1-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا تنبيه من الله عزَّ وجلَّ على اقتراب الساعة ودنوها . وأن الناس في غفلة عنها ، أي لا يعملون لها ولا يستعدون من أجلها ، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } قال : " في الدنيا " . وقال تعالى : { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } [ النحل : 1 ] . وقال أبو العتاهية : @ الناس في غفلاتهم ورحا المنية تطحن @@ وروي عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب ، فأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه الرجل فقال : إني استقطعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وادياً في العرب ، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك ، فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا : { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } ؛ ثم أخبر تعالى أنهم لا يصغون إلى الوحي الذي أنزل الله على رسوله ، والخطابُ مع قريش ومن شابههم من الكفار فقال : { مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ } أي جديد إنزاله { إِلاَّ ٱسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ } ، كما قال ابن عباس : مالكم تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم وقد حرَّفوه وبدلوه وزادوا فيه ونقصوا منه ، وكتابكم أحدث الكتب بالله تقرأونه محضاً لم يُشَب . وقوله { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي قائلين فيما بينهم خفية { هَلْ هَـٰذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم يستبعدون كونه نبياً لأنه بشر مثلهم فكيف اختص بالوحي دونهم ، ولهذا قال { أَفَتَأْتُونَ ٱلسِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } أي أفتتبعونه فتكونون كمن يأتي السحر وهو يعلم أنه سحر ، فقال تعالى مجيباً لهم عما افتروه واختلقوه من الكذب { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ ٱلْقَوْلَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } : أي الذي يعلم ذلك لا يخفى عليه خافية وهو الذي أنزل هذا القرآن المشتمل على خبر الأولين والآخرين ، الذي لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله إلاّ الذي يعلم السر في السماوات والأرض . وقوله تعالى : { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } أي السميع لأقوالكم العليم بأحوالكم ، وفي هذا تهديد لهم ووعيد ، وقوله : { بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ } ، هذا إخبار عن تعنت الكفار وإلحادهم واختلافهم فيما يصفون به القرآن وحيرتهم فيه وضلالهم عنه ، فتارة يجعلونه سحراً ، وتارة يجعلونه شعراً ، وتارة يجعلونه أضغاث أحلام ، وتارة يجعلونه مفترى ، كما قال : { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 48 ] ، وقوله : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } يعنون كناقة صالح وآيات موسى وعيسى ، وقد قال الله : { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } [ الإسراء : 59 ] الآية : ولهذا قال تعالى : { مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ } أي ما آتينا قرية من القرى التي بعث فيها الرسل آية على أيدي نبيها فآمنوا بها بل كذبوا فأهلكناهم بذلك أفهؤلاء يؤمنون بالآيات لو رأوها دون أولئك ؟ كلا ، بل { إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } [ يونس : 96 - 97 ] هذا كله ، وقد شاهدوا من الآيات الباهرات والحجج القاطعات والدلائل البينات على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما هو أظهر وأجلى وأبهر وأقطع وأقهر مما شوهد مع غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .