Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 42-46)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مسلياً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في تكذيب من خالفه من قومه { وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } إلى أن قال { وَكُذِّبَ مُوسَىٰ } أي ما جاء به من الآيات والدلائل الواضحات ، { فَأمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ } أي أنظرتهم وأخرتهم ، { ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ } أي فكيف كان إنكاري عليهم ومعاقبتي لهم ؟ ! وذكر بعض السلف أنه كان بين قول فرعون لقومه { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] وبين إهلاك الله له أربعون سنة ، وفي " الصحيحين " عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " ، ثم قرأ : { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] ، ثم قال تعالى : { فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا } أي كم من قرية أهلكتها { وَهِيَ ظَالِمَةٌ } أي مكذبة لرسلها ، { فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا } ، وقال الضحاك : سقوفها ، أي قد خربت منازلها وتعطلت حواضرها ، { وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ } أي لا يستقي منها ولا يردها أحد ، بعد كثرة وارديها والازدحام عليها ، { وَقَصْرٍ مَّشِيد } قال عكرمة : يعني المبيض بالجص ، وقال آخرون هو المنيف المرتفع ، وقال آخرون : المشيد المنيع الحصين ، وكل هذه الأقوال متقاربة ، ولا منافاة بينها ، فإنه لم يحم أهلَه شدةُ بنائه ولا ارتفاعه ولا إحكامه ولا حصانته عن حلول بأس الله بهم ، كما قال تعالى : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } [ النساء : 78 ] ، وقوله : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي بأبدانهم وبفكرهم أيضاً ، وذلك للاعتبار ، أي انظروا ما حل بالأمم المكذبة من النقم والنكال ، { فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا } أي فيعتبرون بها ، { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } أي ليس العمى عمى البصر ، وإنما العمى عمى البصيرة ، وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفد إلى العبر ولا تدري ما الخير .