Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 58-60)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى ، عمن خرج مهاجراً في سبيل الله ابتغاء مرضاته ، وطلباً لما عنده وترك الأوطان والأهلين والخلان ، وفارق بلاده في الله ورسوله ونصرة لدين الله { ثُمَّ قُتِلُوۤاْ } أي في الجهاد { أَوْ مَاتُواْ } أي حتف أنفهم من غير قتال على فرشهم ، فقد حصلوا على الأجر الجزيل والثناء الجميل ، كما قال تعالى : { وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ } [ النساء : 100 ] ، وقوله : { لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً } أي ليجرين عليهم من فضله ورزقه من الجنة ما تقر به أعينهم ، { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ } أي الجنة ، كما قال تعالى : { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } [ الواقعة : 88 - 89 ] فأخبر أنه يحصل له الراحة والرزق وجنة النعيم ، كما قال هٰهنا : { لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً } ، ثم قال : { لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ } أي بمن يهاجر ويجاهد في سبيله وبمن يستحق ذلك ، { حَلِيمٌ } أي يحلم ويصفح ويغفر لهم الذنوب ، فأما من قتل في سبيل الله فإنه حي عند ربه يرزق ، كما قال تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [ آل عمران : 169 ] . والأحاديث في هذا كثيرة كما تقدم ؛ وأما من توفي في سبيل الله فقد تضمنت هذه الآية الكريمة مع الأحاديث الصحيحة إجراء الرزق عليه ، وعظيم إحسان الله إليه ، قال ابن أبي حاتم عن ابن عقبة يعني أبا عبيدة بن عقبة قال ، قال شرحبيل بن السمط : طال رباطنا وإقامتنا على حصن بأرض الروم ، فمر بي سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه فقال ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من مات مرابطاً أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر ، وأجرى عليه الرزق وأمن من الفتانين " واقرأوا إن شئتم { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوۤاْ أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ * لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ } وعن عبد الرحمٰن بن جحدم الخولاني أنه حضر ( فضالة بن عبيد ) في البحر مع جنازتين ، أحدهما أصيب بمنجنيق والآخر توفي ، فجلس فضالة بن عبيد عند قبر المتوفى ، فقيل له : تركت الشهيد فلم تجلس عنده ، فقال : ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت ، إن الله يقول : { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوۤاْ أَوْ مَاتُواْ لَيَرْزُقَنَّهُمُ ٱللَّهُ رِزْقاً حَسَناً } الآيتين ، فما تبتغي أيها العبد إذا أدخلت مدخلاً ترضاه ورزقت رزقاً حسناً ! والله ما أبالي من أي حفرتيهما بعثت . وقوله : { ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ } الآية ، نزلت في سرية من الصحابة لقوا جمعاً من المشركين في شهر محرم ، فناشدهم المسلمون لئلا يقاتلوهم في الشهر الحرام ، فأبى المشركون إلا قتالهم وبغوا عليهم ، فقاتلهم المسلمون ، فنصرهم الله عليهم { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } .