Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 101-104)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور ، وقام الناس من القبور { فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } أي لا تنفع الإنسان يومئذٍ قرابة ولا يرثي والد لولده ولا يلوي عليه ، قال الله تعالى : { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً * يُبَصَّرُونَهُمْ } [ المعارج : 10 - 11 ] أي لا يسأل القريب قريبه وهو يبصره ، ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره ، ولو كان أعز الناس عليه في الدنيا ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة ، قال الله تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } [ عبس : 34 - 36 ] الآية . وقال ابن مسعود : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد : ألا من كان له مظلمة فليجيء فليأخذ حقه ، قال : فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً ، ومصداق ذلك في كتاب الله ، قال الله تعالى : { فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ } . وروى الإمام أحمد عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فاطمة بضعة مني يغيظني ما يغيظها وينشطني ما ينشطها ، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري " ؛ وهذا الحديث له أصل في " الصحيحين " : " فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ويؤذيني ما آذاها " وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من طرق متعددة عنه رضي الله عنه أنه لما تزوج ( أم كلثوم ) بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال : أما والله ما بي إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي " ، وروى الحافظ ابن عساكر عن ابن عمر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري " . وقوله تعالى : { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي من رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة قال ابن عباس { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } أي الذين فازوا فنجوا من النار وأدخلوا الجنة { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } أي ثقلت سيئاته على حسناته { فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } أي خابوا وهلكوا وباءوا بالصفقة الخاسرة عن أنس بن مالك يرفعه قال : إن لله ملكاً موكلاً بالميزان فيؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان ، فإن ثقل ميزانه نادى ملك بصوت يسمعه الخلائق : سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، وإن خفّ ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق : شقي فلان شقاوة لا يسعدها بعدها أبداً . قال تعالى : { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } أي ماكثون فيها دائمون مقيمون فلا يظعنون { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } ، كما قال تعالى : { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } [ إبراهيم : 50 ] ، وقال تعالى : { لَوْ يَعْلَمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ ٱلنَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ } [ الأنبياء : 39 ] الآية . عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن جهنم لما سيق لها أهلها ، تلقَّاهم لهبها ثم تلفحهم لفحة فلم يق لهم لحم إلا سقط على العرقوب " وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال ، " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ } ، قال : تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم " وقوله تعالى : { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قال ابن عباس : يعني عابسون ، وقال ابن مسعود { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قال : ألم تر إلى الرأس المشيط الذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه ، وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " { وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } قال تشويه النار ، فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه . وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته " .