Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 23-25)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات ، خرج مخرج الغالب { ٱلْمُؤْمِناتِ } فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة ، ولا سيما التي كانت سبب النزول وهي عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما ، وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ، ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في الآية ، فإنه كافر لأنه معاند للقرآن ، وقوله تعالى : { لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } ، كقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } [ الأحزاب : 57 ] الآية ، وقد ذهب بعضهم إلى أنها خاصة بعائشة رضي الله عنها ، قال ابن عباس : نزلت في عائشة خاصة ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " رميت بما رميت به وأنا غافلة فبلغني بعد ذلك ، قالت : فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عندي ، إذ أوحي إليه ، قالت : وكان إذا أوحي إليه أخذه كهيئة السبات ، وإنه أوحى إليه وهو جالس عندي ثم استوى جالساً يمسح على وجهه وقال : " يا عائشة أبشري " قالت : فقلت : بحمد الله لا بحمدك ، فقرأ : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ } - حتى بلغ - { أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } " ، وقال الضحاك : المراد بها أزواج النبي خاصة دون غيرهن من النساء ، وقال العوفي عن ابن عباس في الآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ } الآية : يعني أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رماهن أهل النفاق ، فأوجب الله لهم اللعنة والغضب وباؤوا بسخط من الله ، فكان ذلك في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم نزل بعد ذلك : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } [ النور : 4 ] إلى قوله { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ النور : 5 ] فأنزل الله الجلد والتوبة ، فالتوبة تقبل والشهادة ترد . وقال ابن جرير : فسّر ابن عباس سورة النور ، فلما أتى على هذه الآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ } الآية قال : في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي مبهمة وليست لهم توبة ، ثم قرأ : { وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ } [ النور : 4 ] إلى قوله { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } [ النور : 5 ] الآية ، قال : فجعل لهؤلاء توبة ، ولم يجعل لمن قذف أولئك توبة ، قال فهمَّ بعض القوم أن يقوم إليه فيقبل رأسه من حسن ما فسر به سورة النور ، وقد اختار ابن جرير عمومها ، وهو الصحيح ويعضد العموم ما رواه أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " اجتنبوا السبع الموبقات " قيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " وقوله تعالى : { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، عن ابن عباس قال : إنهم يعني المشركين إذا رأوا أنه لا يدخل الجنة إلاّ أهل الصلاة ، قالوا : تعالوا حتى نجحد فيجحدون فيختم على أفواههم ، وتشهد أيديهم وأرجلهم ، ولا يكتمون الله حديثاً . وروى ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه ثم قال : " أتدرون ممَّ أضحك ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : " من مجادلة العبد ربه ، يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول : بلى ، فيقول : لا أجيز عليَّ شاهداً إلاّ من نفسي ، فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً ، وبالكرام عليك شهوداً ، فيختم على فيه ويقال لأركانه : انطقي ، فتنطق بعمله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعداً لكنَّ وسحقاً ، فعنكن كنت أناضل " وقال قتادة : ابن آدم ، والله إن عليك لشهوداً غير متهمة من بدنك فراقبهم ، واتق الله في سرك وعلانيتك ، فإنه لا يخفى عليه خافية ، الظُلمة عنده ضوء ، والسر عنده علانية ، فمن استطاع أن يموت وهو بالله حسن الظن فليفعل ولا قوة إلاّ بالله . وقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ } ، قال ابن عباس { دِينَهُمُ } : أي حسابهم ، وكذا قال غير واحد ، وقوله : { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ } أي وعده ووعيده ، وحسابه هو العدل الذي لا جور فيه .