Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 213-220)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى آمراً بعبادته وحده لا شريك له ومخبراً أن من أشرك به عذبه . ثم قال تعالى آمراً لرسوله صلى الله عليه وسلم أن ينذر عشيرته الأقربين أي الأدنين إليه ، وأنه لا يخلص أحد منهم إلاّ إيمانه بربه عزَّ وجلَّ ، وأمره أن يلين جانبه لمن اتبعه من عباد الله المؤمنين ، ومن عصاه من خلق الله كائناً من كان فليتبرأ منه ، ولهذا قال تعالى : { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } ، وهذه النذارة الخاصة لا تنافي العامة بل هي فرد من أجزائها ، كما قال تعالى : { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ } [ يس : 6 ] ، وقال تعالى : { لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا } [ الشورى : 7 ] ، وقال تعالى : { لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ } [ الأنعام : 19 ] ، كما قال تعالى : { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } [ هود : 17 ] ، وفي " صحيح مسلم " : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي إلاّ دخل النار " وقد وردت أحاديث كثيرة في نزول هذه الآية الكريمة ، فلنذكرها ، الحديث الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أنزل الله عزَّ وجلَّ { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } " أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى : " يا صباحاه " ، فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه ، وبين رجل يبعث رسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني عبد المطلب ، يا بني فهر ، يا بني لؤي ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني ؟ " قالوا : نعم ، قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم أما دعوتنا إلاّ لهذا ؟ وأنزل الله : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } " ، الحديث الثاني : روى الإمام أحمد عن عائشة قالت : لما نزلت : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا فاطمة ابنة محمد ، يا صفية ابنة عبد المطلب ، يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئاً سلوني من مالي ما شئتم " الحديث الثالث : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً فعمَّ وخصَّ ، فقال : " يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني كعب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر بني هاشم أنقذوا أنفسكم من النار يا معشر بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار ، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً إلاّ أن لكم رحماً سأبلها ببلاها " وقال الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله ، يا صفية عمة رسول الله ويا فاطمة بنت رسول الله اشتريا أنفسكما من الله ، فإني لا أغني عنكما من الله شيئاً ، سلاني من مالي ما شئتما " وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " يا بني قصي ، يا بني هاشم ، يا بني عبد مناف ، أنا النذير ، والموت المغير ، والساعة الموعد " ، الحديث الرابع : قال الإمام أحمد عن قبيصة بن مخارق وزهير بن عمرو قالا : لما نزلت : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ } صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رضمة من جبل على أعلاها حجر فجعل ينادي : " يا بني عبد مناف إنما أنا نذير ، إنما مثلي ومثلكم كرجل رأى العدوا فذهب يربأ أهله رجاء أن يسبقوه فجعل ينادي ويهتف يا صباحاه " وقوله تعالى : { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } أي في جميع أمورك فإنه مؤيدك وحافظك وناصرك ومظفرك ومعلي كلمتك ، وقوله تعالى : { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } أي هو معتن بك ، كما قال تعالى : { وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا } [ الطور : 48 ] ، قال ابن عباس { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } : يعني إلى الصلاة . وقال عكرمة : يرى قيامه وركوعه وسجوده ، وقال الحسن : إذا صليت وحدك ، وقال الضحاك : أي من فراشك أو مجلسك ، وقال قتادة { ٱلَّذِي يَرَاكَ } قائماً وجالساً وعلى حالاتك ، وقوله تعالى : { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِين } ، قال قتادة : { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِين } قال : في الصلاة يراك وحدك ويراك في الجمع . وعن ابن عباس أنه قال في هذه الآية : يعني تقلبه من صلب نبي إلى صلب نبي ، حتى أخرجه نبياً ، وقوله تعالى : { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } أي السميع لأقوال عباده ، العليم بحركاتهم وسكناتهم ، كما قال تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيه } [ يونس : 61 ] الآية .