Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 22-26)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { فَمَكَثَ } الهدهد { غَيْرَ بَعِيدٍ } أي غاب زماناً يسيراً ثم جاء فقال لسليمان { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } أي اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } أي بخبر صدق حق يقين ، وسبأ هم ملوك اليمن ، ثم قال : { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } قال الحسن البصري : وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ ، وعن قتادة في قوله تعالى : { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } كانت من بيت مملكة وكان أولو مشورتها ثلثمائة واثني عشر رجلاً ، كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل ، وكانت بأرض يقال لها ( مأرب ) على ثلاثة أميال من صنعاء ، وقوله : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } أي من متاع الدنيا مما يحتاج إليه الملك المتمكن { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } يعني سرير تجلس عليه عظيم هائل ، مزخرف بالذهب وأنواع الجواهر واللآليء ، قال علماء التاريخ : وكان هذا السرير في قصر عظيم مشيد رفيع البناء محكم ، وكان فيه ثلثمائة وستون طاقة من مشرقه ، ومثلها من مغربه ، وقد وضع بناؤه على أن تدخل الشمس كل يوم من طاقة وتغرب من مقابلتها فيسجدون لها صباحاً ومساء ، ولهذا قال : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } أي عن طريق الحق { فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } ، وقوله : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ } أي لا يعرفون سبيل الحق التي هي إخلاص السجود لله وحده دون ما خلق من الكواكب وغيرها ، كما قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ ٱلَّيلُ وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَٱسْجُدُواْ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ فصلت : 37 ] . وقوله تعالى : { ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } قال ابن عباس : يعلم كل خبيثة في السماء والأرض ، وقال سعيد بن المسيب : الخبء الماء ، وقال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم : خبء السماوات والأرض ما جعل فيهما من الأرزاق ، المطر من السماء والنبات من الأرض ، وهذا مناسب من كلام الهدهد الذي جعل الله فيه من الخاصية ما ذكره ابن عباس وغيره أنه يرى الماء يجري في تخوم الأرض وداخلها ، وقوله : { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } أي يعلم ما يخفيه العباد وما يعلنونه من الأقوال والأفعال ، وهذا كقوله تعالى : { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } [ الرعد : 10 ] ، وقوله : { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } الذي ليس في المخلوقات أعظم منه . ولما كان الهدهد داعياً إلى الخير ، وعبادة الله وحده ، نهي عن قتله ، كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب : النملة والنحلة والهدهد والصرد . "