Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 1-6)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة . وقوله : { تِلْكَ } أي هذه { آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } أي الواضح الجلي الكاشف عن حقائق الأمور وعلم ما قد كان وما هو كائن ، وقوله : { نَتْلُواْ عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِٱلْحَقِّ } أي نذكر لك الأمر على ما كان عليه كأنك تشاهد وكأنك حاضر ، ثم قال تعالى { إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } أي تكبر وتجبر وطغى ، { وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً } أي أصنافاً قد صرف كل صنف فيما يريد من أمور دولته ، وقوله تعالى : { يَسْتَضْعِفُ طَآئِفَةً مِّنْهُمْ } يعني بني إسرائيل ، وكانوا في ذلك الوقت خيار أهل زمانهم ، هذا وقد سلط عليهم هذا الملك الجبار العنيد يستعملهم في أخس الأعمال ، ويقتل مع هذا أبناءهم ، ويستحيي نساءهم ، إهانة لهم واحتقاراً وخوفاً من أن يوجد منهم غلام يكون سبب هلاكه وذهاب دولته على يديه ، فاحترز فرعون من ذلك ، وأمر بقتل ذكور بني إسرائيل ، ولن ينفع حذر من قدر لأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ولكل أجل كتاب ، ولهذا قال تعالى : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ } إلى قوله { يَحْذَرُونَ } وقد فعل تعالى ذلك بهم ، كما قال تعالى : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } [ الأعراف : 137 ] إلى قوله { يَعْرِشُونَ } [ الأعراف : 137 ] ، وقال تعالى : { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 59 ] أراد فرعون بحوله وقوته أن ينجو من موسى ، فما نفعه ذلك مع قدرة الإله العظيم الذي لا يخالف أمره ولا يغلب ، بل نفذ حكمه في القدم بأن يكون هلاك فرعون على يديه ، بل يكون هذا الغلام الذي احترزت من وجوده وقتلت بسببه ألوفاً من الولدان ، إنما منشؤه ومرباه على فراشك ، وفي دارك وغذاؤه من طعامك ، وأنت تربيه وتدلـله وتتفداه وحتفك وهلاكك وهلاك جنودك على يديه ، لتعلم أن رب السماوات العلا هو القاهر الغالب العظيم ، القوي العزيز الشديد المحال الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن .