Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 46-46)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال قتادة وغير واحد : هذه الآية منسوخة بآية السيف ، ولم يبق معهم مجادلة ، وإنما هو الإسلام أو الجزية أو السيف ، وقال آخرون : بل هي باقية محكمة لمن أراد الاستبصار منهم في الدين ، فيجادل بالتي هي أحسن ، ليكون أنجع فيه ، كما قال تعالى : { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } [ النحل : 125 ] الآية . وهذا القول اختاره ابن جرير ، وقوله تعالى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } أي حادوا عن وجه الحق ، وعموا عن واضح المحجة ، وعاندوا وكابروا ، فحينئذٍ ينتقل من الجدال إلى الجلاد ، ويقاتلون بما يمنعهم ويردعهم ، قال جابر : أمرنا من خالف كتاب الله أن نضربه بالسيف ، قال مجاهد : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } يعني أهل الحرب ومن امتنع منهم من أداء الجزية ، وقوله تعالى : { وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنه قد يكون حقاً ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلاً ، ولكن نؤمن به إيماناً مجملاً ، أخرج البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم { وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } " وروى ابن جرير عن ( عبد الله بن مسعود ) قال : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل ، فإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلاّ وفي قلبه تالية تدعوه إلى دينه كتالية المال ، وروى البخاري عن ابن عباس قال : كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل إليكم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث ، تقرأونه محضاً لم يشب ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا : هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ؟ ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ لا والله ما رأينا منهم رجلاً يسألكم عن الذي أنزل عليكم . وحدّث معاوية رهطاً من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار ، فقال : إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب ، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب .