Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 50-52)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن المشركين في تعنتهم ، وطلبهم آيات يعنون ترشدهم إلى أن محمداً رسول الله ، كما أتى صالح بناقته ، قال الله تعالى : { قُلْ } يا محمد { إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } أي إنما أمر ذلك إلى الله ، فإنه لو علم أنكم تهتدون لأجابكم إلى سؤالكم ، لأن هذا سهل عليه يسير لديه ، ولكنه يعلم منكم أنكم إنما قصدتم التعنت والامتحان ، فلا يجيبكم إلى ذلك ، كما قال تعالى : { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا } [ الإسراء : 59 ] ، وقوله : { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } أي إنما بعثت نذيراً لكم فعلي أن أبلغكم رسالة الله تعالى ، و { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِي } [ الأعراف : 178 ] ، ثم قال تعالى مبيناً كثرة جهلهم وسخافة عقلهم ، حيث طلبوا آيات تدلهم على صدق محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاءهم ، وقد جاءهم بالكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، الذي هو أعظم من كل معجزة ، إذ عجزت الفصحاء والبلغاء عن معارضته ، بل عن معارضة سورة منه ، فقال تعالى : { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ } أي أو لم يكفهم آية أنا أنزلنا عليك الكتاب العظيم الذي فيه خبر ما قبلهم ونبأ ما بعدهم وحكم ما بينهم ، وأنت رجل أمي لا تقرأ ولا تكتب ولم تخالط أحداً من أهل الكتاب ، فجئتهم بأخبار ما في الصحف الأولى ببيان الصواب مما اختلفوا فيه ، وبالحق الواضح البين الجلي ، كما قال تعالى : { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } [ الشعراء : 197 ] ، وقال تعالى : { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } [ طه : 133 ] وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم : " ما من الأنبياء من نبي إلاّ قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه الشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة " وقد قال تعالى : { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي إن في هذا القرآن { لَرَحْمَةً } أي بياناً للحق وإزاحة للباطل { وَذِكْرَىٰ } بما فيه حلول النقمات ونزول العقاب بالمكذبين والعاصين لقوم يؤمنون ، ثم قال تعالى : { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً } أي هو أعلم بما تفيضون فيه من التكذيب ، ويعلم ما أقول لكم من إخباري عنه بأنه أرسلني ، فلو كنت كاذباً عليه لانتقم مني ، كما قال تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ * فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } [ الحاقة : 44 - 47 ] ، وإنما أنا صادق عليه فيما أخبرتكم به ، ولهذا أيدني بالمعجزات الواضحات والدلائل القاطعات { يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي لا تخفى عليه خافية ، { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } أي يوم القيامة سيجزيهم على ما فعلوا ويقابلهم على ما صنعوا ، في تكذيبهم بالحق واتباعهم الباطل ، كذبوا برسل الله مع قيام الأدلة على صدقهم ، وآمنوا بالطواغيت والأوثان بلا دليل ، فسيجزيهم على ذلك إنه حكيم عليم .