Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 169-175)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن الشهداء بأنهم ، وإن قتلوا في هذه الدار ، فإن أرواحهم حية مرزوقة في دار القرار ، روى ابن جرير بسنده عن أنَس بن مالك في قصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أرسلهم نبي الله إلى أهل ( بئر معونة ) قال : لا أدري أربعين أو سبعين ، وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل الجعفري ، فخرج أولئك النفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتو غاراً مشرفاً على الماء فقعدوا فيه ، ثم قال بعضهم لبعض : أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل هذا الماء ؟ فقال - أراه أبو ملحان الأنصاري - أنا أبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج حتى أتى حول بيتهم فاجتثى أمام البيوت ثم قال : يا أهل بئر معونة إني رسول رسول الله إليكم ، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ، فآمنوا بالله ورسوله . فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الآخر ، فقال : الله أكبر فزت ورب الكعبة ، فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم أجمعين ( عامر بن الطفيل ) . وقال ابن إسحاق : حدثني أنس بن مالك أن الله أنزل فيهم قرآناً ، بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه ، ثم نسخت فرفعت بعدما قرأناها زماناً ، وأنزل الله تعالى : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ، وقد قال مسلم في صحيحه ، عن مسروق قال : سألنا عبد الله عن هذه الآية : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع عليهم ربهم اطلاعة فقال : هل تشتهون شيئاً ؟ فقالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب نريد أن تردَّ أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا " . ( حديث آخر ) : عن أنَس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من نفس تموت لها عند الله خير ، يسرها أن ترجع إلى الدنيا إلا الشهيد ، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى مما يرى من فضل الشهادة " . ( حديث آخر ) : عن جابر قال ، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعلمت أن الله أحيا أباك فقال له : تمنَّ ، فقال له : أردُّ إلى الدنيا فأقتل فيك مرة أخرى ، قال : إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون " وقال البخاري ، عن ابن المنكدر ، سمعت جابراً قال : لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثوب عن وجهه ، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوني والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تبكيه - أو ما تبكيه - ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع " . ( حديث آخر ) : عن ابن عباس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما أصيب إخوانكم يوم أُحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ، وحسن مقيلهم ، قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ، ولا ينكلوا عن الحرب ، فقال الله عزّ وجلّ : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله هذه الآيات : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } وما بعدها " . ( حديث آخر ) : عن طلحة بن خراش الأنصاري قال : " سمعت جابر بن عبد الله قال : نظر إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : " يا جابر مالي أراك مهتماً ؟ " قلت : يا رسول الله استشهد أبي وترك ديناً عليه ، قال ، فقال : " ألا أخبرك ما كلم الله أحداً قط إلا من وراء حجاب ، وإنه كلم أباك كفاحاً " ، قال علي : والكفاح المواجهة . " قال سلني أعطك قال : أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب عزّ وجلّ إنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون ، قال : أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً } الآية " " . وقد روينا في مسند الإمام أحمد حديثاً فيه البشارة لكل مؤمن بأن روحه تكون في الجنة تسرح أيضاً فيها وتأكل من ثمارها وترى ما فيها من النضرة والسرور ، وتشاهد ما أعد الله لها من الكرامة ، وهو بإسناد صحيح عزيز عظيم اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة ( أصحاب المذاهب المتبعة ) فإن الإمام أحمد رحمه الله رواه عن محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ، عن مالك بن أنَس الأصبحي رحمه الله ، عن الزهري عبد الرحمٰن بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه " قوله : " يعلق " أي يأكل . وفي الحديث : " إن روح المؤمن تكون على شكل طائر في الجنة " وأما أرواح الشهداء فكما تقدم في حواصل طير خضر فهي كالكواكب بالنسبة إلى أرواح عموم المؤمنين فإنها تطير بأنفسها ، فنسأل الله الكريم المنان أن يميتنا على الإيمان . وقوله تعالى : { فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ } إلى آخر الآية : أي الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم ، وهم فرحون بما هم فيه من النعمة والغبطة ، ومستبشرون بإخوانهم الذين يقتلون بعدهم في سبيل الله أنهم يقدمون عليهم ، وأنهم لا يخافون مما أمامهم ولا يحزنون على ما تركوه وراءهم ، نسأل الله الجنة . وقال محمد بن إسحاق : { وَيَسْتَبْشِرُونَ } أي ويسرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ، ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم . قال السدي : يؤتى الشهيد بكتاب فيه يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، ويقدم عليك فلان يوم كذا وكذا ، فيسر بذلك كما يسر أهل الدنيا بغائبهم إذا قدم . قال سعيد بن جبير : لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا : يا ليت إخواننا الذين في الدنيا يعلمون ما عرفناه من الكرامة ، فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى يستشهدوا فيصيبوا ما أصبنا من الخير ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمرهم وما هم فيه من الكرامة ، وأخبرهم - أي ربهم - أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه فاستبشروا بذلك ، فذلك قوله : { وَيَسْتَبْشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ } الآية . وقد ثبت في الصحيحين عن أنَس في قصة أصحاب بئر معونة السبعين من الأنصار الذين قتلوا في غداة واحدة ، وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على الذين قتلوهم ويلعنهم . قال أنَس : ونزل فيهم قرآن قرأناه حتى رفع : " أن بلِّغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا " . ثم قال تعالى : { يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، قال عبد الرحمٰن بن زيد بن أسلم : هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سواء الشهداء وغيرهم ، وقلما ذكر الله فضلاً ذكر به الأنبياء وثواباً أعطاهم الله إياه إلا ذكر ما أعطى المؤمنين من بعدهم . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } هذا كان يوم ( حمراء الأسد ) وذلك أن المشركين لما أصابوا ما أصابوا من المسلمين كروا راجعين إلى بلادهم ، فلما استمروا في سيرهم ندموا لم لا تمَّموا على أهل المدينة وجعلوها الفيصلة ، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب المسلمين إلى الذهاب وراءهم ليرعبهم ويريهم أن بهم قوة وجلداً ، ولم يأذن لأحد سوى من حضر الوقعة يوم أحد سوى جابر بن عبد الله رضي الله عنه لما سنذكره ، فانتدب المسلمون على ما بهم من الجراح والإثخان طاعة لله عزّ وجلّ ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وعن عكرمة أنه : لما رجع المشركون عن أحد قالوا : لا محمداً قتلتم ، ولا الكواعب أردفتم ، بئسما صنعتم ، ارجعوا فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغوا ( حمراء الأسد ) فقال المشركون : نرجع من قابل ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت تعد غزوة فأنزل الله تعالى : { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَٱتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ } . قال محمد بن إسحاق : عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان : أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد شهد أُحداً ، قال : شهدنا أُحداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخي ورجعنا جريحين ، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي : أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والله ما لنا من دابة نركبها ، وما منا إلا جريح ثقيل ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت أيسر جراحاً منه ؛ فكان إذا غلب حملته عقبة ؛ حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون . وقال البخاري عن عائشة رضي الله عنها : { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } الآية ، قلت لعروة : يا ابن أختي كان أبوك منهم ( الزبير ) و ( أبو بكر ) رضي الله عنهما لما أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم ما أصابه يوم أحد وانصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال : " من يرجع في أثرهم " ، فانتدب منهم سبعون رجلاً فيهم أبو بكر والزبير . وروي عن عروة قال : قالت لي عائشة إن أباك من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح . وكانت وقعة أُحُد في شوّال ، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة ، وإنهم قدموا بعد وقعة أحد ، وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم واشتد عليهم الذي أصابهم ، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس لينطلقوا معه ويتبعوا ما كانوا متبعين ، وقال : " إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل " ، فجاء الشيطان يخوف أولياءه فقال : { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } وقال الحسن البصري في قوله : { ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ } إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين ما أصابوا ورجعوا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " إن أبا سفيان قد رجع وقد قذف الله في قلبه الرعب ، فمن ينتدب في طلبه " ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعوهم ، فبلغ أبا سفيان أن النبي صلى الله عليه وسلم يطلبه فلقي عيراً من التجار فقال : ردوا محمداً ولكم من الجعل كذا وكذا ، وأخبروهم أني قد جمعت جموعاً وأني راجع إليهم ، فجاء التجار فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " حسبنا الله ونعم الوكيل " فأنزل الله هذه الآية " . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً } الآية ، أي الذين توعدهم الناس بالجموع وخوفوهم بكثرة الأعداء فما اكترثوا لذلك ، بل توكلوا على الله واستعانوا به ، { وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } ، وقال البخاري ، عن ابن عباس : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار ، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لهم الناس { إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } وفي رواية له : كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } . وعن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه علياً في نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل فنزلت فيهم هذه الآية . وفي الحديث : " إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل " وقد قال الإمام أحمد ، عن عوف بن مالك أنه حدثهم ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين ، فقال المقضي عليه لما أدبر : حسبي الله ونعم الوكيل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ردوا عليّ الرجل " ، فقال : " ما قلت " ؟ ، قال : " قلت حسبي الله ونعم الوكيل " ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس ، فإذا غلبك أمر فقل : حسبي الله ونعم الوكيل " " . قال تعالى : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } أي لما توكلوا على الله كفاهم ما أهمهم ، ورد عنهم بأس من أراد كيدهم فرجعوا إلى بلدهم : { بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } مما أضمر لهم عدوهم ، { وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } . عن ابن عباس في قول الله : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ } ، قال ( النعمة ) أنهم سلموا ، و ( الفضل ) أن عيراً مرت في أيام الموسم فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فربح فيها مالاً فقسمه بين أصحابه . وقال مجاهد في قول الله تعالى : { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } قال هذا أبو سفيان قال لمحمد صلى الله عليه وسلم موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا ، فقال محمد صلى الله عليه وسلم : " عسى " ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدراً فوافقوا السوق فيها فابتاعوا ، فذلك قول الله عزّ وجلّ : { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ } الآية ، قال : وهي غزوة بدر الصغرى . ثم قال تعالى : { إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ } أي يخوفكم أولياءه ويوهمكم أنهم ذوو بأس وذوو شدة قال الله تعالى : { فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } إذا سوَّل لكم وأوهمكم فتوكلوا عليّ والجأوا إليَّ ، فإني كافيكم وناصركم عليهم ، كما قال تعالى : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } [ الزمر : 36 ] ، وقال تعالى : { فَقَاتِلُوۤاْ أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } [ النساء : 76 ] ، وقال تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ } [ المجادلة : 19 ] ، وقال : { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ المجادلة : 21 ] ، وقال : { وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ } [ الحج : 40 ] ، وقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [ محمد : 7 ] الآية ، وقال تعالى : { إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَادُ } [ غافر : 51 ] والآيات في ذلك كثيرة .