Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 65-68)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ينكر تبارك وتعالى على اليهود والنصارى في محاجتهم في إبراهيم الخليل عليه السلام ودعوى كل طائفة منهم ، أنه كان منهم ، كما قال ابن عباس رضي الله عنه : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلا يهودياً ، وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانياً ، فأنزل الله تعالى : { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ } الآية . أي : كيف تدعون أيها اليهود أنه كان يهودياً ، وقد كان زمنه قبل أن ينزل الله التوراة على موسى ؟ وكيف تدعون أيها النصارى أنه كان نصرانياً ، وإنما حدثت النصرانية بعد زمنه بدهر ؟ ولهذا قال تعالى : { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ؟ ثم قال تعالى : { هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } ؟ هذا إنكار على من يحاج فيما لا علم له به ، فإن اليهود والنصارى تحاجوا في إبراهيم بلا علم ، ولو تحاجوا فيما بأيديهم منه علم مما يتعلق بأديانهم التي شرعت لهم إلى حين بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لكان أولى بهم ، وإنما تكلموا فيما لا يعلمون ، فأنكر الله عليهم ذلك وأمرهم برد ما لا علم لهم به إلى عالم الغيب والشهادة الذي يعلم الأمور على حقائقها وجلياتها ، ولهذا قال تعالى : { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } . ثم قال تعالى : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً } أي متحنفاً عن الشرك قاصداً إلى الإيمان ، { وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } ، وهذه الآية كالتي تقدمت في سورة البقرة : { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ } [ الآية : 135 ] الآية ، ثم قال تعالى : { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، يقول تعالى : أحق الناس بمتابعة إبراهيم الخليل الذين اتبعوه على دينه { وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا من أصحابه المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بعدهم . عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل نبي ولاية من النبيين وإن وليي منهم - أبي وخليل ربي عزّ وجلّ - إبراهيم عليه السلام " ، ثم قرأ : { إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية ، وقوله : { وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي ولي جميع المؤمنين برسله .