Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 93-95)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن عباس : حضرَتْ عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : حدثنا عن خلالٍ نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي ، قال : " سلوني عما شئتم ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب على بنيه ، لئن أنا حدثتكم شيئاً فعرفتموه لتتابعني على الإسلام " ، قالوا : فذلك لك ، قالوا : أخبرنا عن أربع خلال ، أخبرنا أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه ؟ وكيف ماء المرأة وماء الرجل ؟ وكيف يكون الذكر منه والأنثى ، وأخبرنا بهذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة ؟ فأخذ عليهم العهد لئن أخبرهم ليتابعنه . فقال : " أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضاً شديداً وطال سقمه فنذر لله نذراً لئن شفاه الله من سقمه ليحرمنَّ أحب الطعام والشراب إليه ، وكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها " ؟ فقالوا : اللهم نعم . فقال : " اللهم اشهد عليهم " ، وقال : " أنشدكم بالله الذي لا إلٰه إلا هو الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق ، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله ، إن علا ماء الرجل ماء المرأة كان ذكراً بإذن الله ، وإن علا ماء المرأة ماء الرجل كان أنثى بإذن الله " قالوا : نعم . قال : " اللهم اشهد عليهم " ، وقال : " وأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى ، هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه ؟ " قالوا : اللهم نعم ، قال : " اللهم اشهد " . قال : " وإن وليي جبريل ولم يبعث الله نبياً قط إلا وهو وليه " ، قالوا : فعند ذلك نفارقك ولو كان وليك غيره لتابعناك ، فعند ذلك قال الله تعالى : { قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ } [ البقرة : 97 ] الآية . وقال ابن جريج ، عن ابن عباس : كان إسرائيل عليه السلام - وهو يعقوب - يعتريه عرق النسا بالليل ، وكان يقلقه ويزعجه عن النوم ويقلع الوجع عنه بالنهار ، فنذر لله لئن عافاه الله لا يأكل عَرْقاً ، ولا يأكل ولد ما له عَرْق ، فاتبعه بنوه في تحريم ذلك استناباً به واقتداء بطريقه ، وقوله : { مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ } أي حرم ذلك على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ، { قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } فإنها ناطقة بما قلناه ، { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } أي فمن كذب على الله وادعى أنه شرع لهم السبت والتمسك بالتوراة دائماً ، وأنه لم يبعث نبياً آخر يدعو إلى الله تعالى بالبراهين والحجج ، بعد هذا الذي بيناه من وقوع النسخ وظهور ما ذكرنا { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } ، ثم قال تعالى : { قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ } أي قل يا محمد صدق الله فيما أخبر به وفيما شرعه في القرآن ، { فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي اتبعوا ملة إبراهيم التي شرعها الله في القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الحق الذي لا شك فيه ولا مرية ، وهي الطريقة التي لم يأت نبي بأكمل منها ولا أبين ولا أوضح ولا أتم ، كما قال تعالى : { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 161 ] ، وقال تعالى : { ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } [ النحل : 123 ] .