Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 20-21)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ } الدالة على عظمته وكمال قدرته ، أنه خلق أباكم آدم من تراب ، { ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } فأصلكم من تراب ، ثم من ماء مهين ، ثم تصور فكان علقة ، ثم مضغة ، ثم صار عظاماً ، شكله على شكل الإنسان ثم كسا الله تلك العظام لحماً ، ثم نفخ فيه الروح فإذا هو سميع بصير ، ثم كلما طال عمره تكاملت قواه وحركاته ، حتى آل به الحال إلى أن صار يبني المدائن والحصون ، ويدور أقطار الأرض ، ويكتسب ، ويجمع الأموال ، وله فكرة وغور ، ودهاء ومكر ، ورأي وعلم ، واتساع في أمور الدنيا والآخرة كل بحسبه ، فسبحان من أقدرهم وسيّرهم وسخّرهم وصرفهم في فنون المعايش والمكاسب وفاوت بينهم في العلوم والفكر ، والحسن والقبح ، والغنى والفقر ، والسعادة والشقاوة ، ولهذا قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } . عن أبي موسى الأشعري قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك ، والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك " وقوله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً } أي خلق لكم من جنسكم إناثاً تكون لكم أزواجاً { لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا } ، كما قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } [ الأعراف : 189 ] يعني بذلك حواء خلقها الله من آدم من ضلعه الأيسر ، ولو أنه تعالى جعل بني آدم كلهم ذكوراً ، وجعل إناثهم من جنس آخر من غيرهم ، إما من جان أو حيوان ، لما حصل هذا الائتلاف بينهم وبين الأزواج ، بل كانت تحصل نفرة لو كانت الأزواج من غير الجنس ، ثم من تمام رحمته ببني آدم أن جعل أزواجهم من جنسهم ، وجعل بينهم وبينهن { مَّوَدَّةً } وهي المحبة { وَرَحْمَةً } وهي الرأفة { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } .