Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 15-17)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } أي إنما يصدق بها { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً } أي استمعوا لها وأطاعوها قولاً وفعلاً ، { وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } أي عن اتباعها والانقياد لها ، كما يفعله الجهلة من الكفرة الفجرة ، قال الله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } [ غافر : 60 ] ، ثم قال تعالى : { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } يعني بذلك قيام الليل وترك النوم ، والاضطجاع على الفرش الوطيئة ، قال مجاهد والحسن : يعني بذلك قيام الليل ، وعن أنس وعكرمة : هو الصلاة بين العشاءين ، وعن أنس أيضاً : هو انتظار صلاة العتمة ، وقال الضحاك : هو صلاة العشاء في جماعة وصلاة الغداة في جماعة { يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي خوفاً من وبال عقابه ، وطمعاً في جزيل ثوابه { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } فيجمعون بين فعل القربات اللازمة والمتعدية ، عن معاذ بن جبل قال : " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير ، فقلت : يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال : " لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفىء الخطيئة ، وصلاة الرجل في جوف الليل - ثم قرأ - { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } حتى بلغ { جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟ " فقلت : بلى يا رسول الله ، فقال : " رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله " ؟ فقلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه ثم قال : " كفَّ عليك هذا " فقلت : يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ، فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم " . وروى ابن أبي حاتم ، عن معاذ بن جبل قال : " كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال : " إن شئت نبأتك بأبواب الخير ، الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة وقيام الرجل في جوف الليل " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } الآية ، وعن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق " سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم " ثم يرجع فينادي : ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع - الآية - فيقومون وهم قليل " ، وقال بلال : لما نزلت هذه الآية { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } الآية ، كنا نجلس في المجلس وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون بعد المغرب إلى العشاء ، فنزلت هذه الآية { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ } ، وقوله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } أي فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات ، من النعيم المقيم ، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد ، لما أخفوا أعمالهم ، كذلك أخفى الله لهم من الثواب ، جزاء وفاقاً ، فإن الجزاء من جنس العمل ، قال الحسن البصري : أخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين ولم يخطر على قلب بشر ، قال البخاري : قوله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } الآية ، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } . وفي الحديث : " من يدخل الجنة ينعم لا يبأس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه ، في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " ، وروى مسلم عن المغيرة بن شعبة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : سأل موسى عليه السلام ربه عزَّ وجلَّ ما أدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما أُدخِلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ ، فيقال له : ادخل الجنة ، فيقول : أي رب كيف وقد أخذ الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت رب ، فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله ، فقال في الخامسة : رضيت ربي ، فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله معه ، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول : رضيت رب ، قال رب فأعلاهم منزلة ، قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر . قال : ومصداقه من كتاب الله عزَّ وجلَّ { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } الآية .