Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 52-52)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم على حسن صنيعهن ، في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة ، لما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم ، فلما اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن ، وحرّم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواجاً غيرهن ، ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك وأباح له التزوج ، ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج ، لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن ، روي " عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ما مات رسول صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء " ، وروى ابن أبي حاتم " عن أم سلمة أنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له أن يتزوج من النساء ما شاء إلاّ ذات محرم ، وذلك قول الله تعالى : { تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ } " فجعلت هذه ناسخة للتي بعدها في التلاوة كآيتي عدة الوفاة في البقرة ، الأولى ناسخة للتي بعدها والله أعلم . وقال آخرون : بل معنى الآية { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } أي من بعدما ذكرنا لك من صفة النساء ، اللاتي أحللنا لك من نسائك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك ، وبنات العم والعمات ، والخال والخالات ، والواهبة ، وما سوى ذلك من أصناف النساء فلا يحل لك . قال ابن جرير عن زياد عن رجل من الأنصار قال ، قلت لأبي بن كعب : أرأيت لو أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم توفين أما كان له أن يتزوج ؟ فقال : وما يمنعه من ذلك ؟ قال ، قلت : قول الله تعالى : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } فقال : إنما أحل الله له ضرباً من النساء ، فقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } [ الأحزاب : 50 ] - إلى قوله - { إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } [ الأحزاب : 50 ] ثم قيل له : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } ، وروى الترمذي عن ابن عباس قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصناف النساء إلاّ ما كان من المؤمنات المهاجرات بقوله تعالى : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } ، فأحل الله فتياتكم المؤمنات ، وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي ، وحرم كل ذات دين غير الإسلام ، ثم قال : { وَمَن يَكْفُرْ بِٱلإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } [ المائدة : 5 ] الآية ، وقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } [ الأحزاب : 50 ] - إلى قوله - { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأحزاب : 50 ] وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء . وقال مجاهد : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } أي من بعد ما سمى لك ، لا مسلمة ولا يهودية ، ولا نصرانية ، ولا كافرة ، وقال عكرمة { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ } ، أي التي سمى الله ، واختار ابن جرير رحمه الله أن الآية عامة فيمن ذكر من أصناف النساء ، وفي النساء اللواتي في عصمته وكن تسعاً ، وهذا الذي قاله جيد ولعله مراد كثير ممن حكينا عنه من السلف فإن كثيراً منهم روى عنه هذا وهذا ولا منافاة والله أعلم .