Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 35, Ayat: 15-18)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى بغنائه عما سواه وبافتقار المخلوقات كلها إليه ، وتذللها بين يديه ، فقال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ } أي هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات ، وهو تعالى الغني عنهم بالذات ، ولهذا قال عزَّ وجلَّ : { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } أي هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له ، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه ، وقوله تعالى : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } أي لو شاء لأذهبكم أيها الناس وأتى بقوم غيركم وما هذا عليه بصعب ولا ممتنع ، ولهذا قال تعالى : { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } ، وقوله تعالى : { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي يوم القيامة ، { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا } أي وإن تدع نفس مثقلة بأوزارها إلى أن تساعد على حمل ما عليها من الأوزار أو بعضه ، { لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } أي وإن كان قريباً إليها حتى ولو كان أباها أو ابنها ، كل مشغول بنفسه وحاله ، قال عكرمة في قوله تعالى : { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا } الآية ، قال : هو الجار يتعلق بجاره يوم القيامة ، فيقول : يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني ، وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة فيقول له : يا مؤمن إن لي عندك يداً قد عرفت كيف كنت لك في الدنيا ، وقد احتجت إليك اليوم ، فلا يزال المؤمن يشفع له عند ربه ، حتى يرده إلى منزل دون منزله ، وهو في النار ، وإن الوالد ليتعلق بولده يوم القيامة فيقول يا بني أي والد كنت لك فيثني خيراً ، فيقول له يا بني إني قد احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى ، فيقول له ولده : يا أبت ما أيسر ما طلبت ، ولكني أتخوف مثل ما تتخوف ، فلا أستطيع أن أعطيك شيئاً ، ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة أو يا هذه ، أي زوج كنت لك فتثني خيراً ، فيقول لها : إني أطلب إليك حسنة واحدة تهبين لي لعلي أنجو بها مما ترين ، قال : فتقول : ما أيسر ما طلبت ، ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئاً إني أتخوف مثل الذي تتخوف ، يقول الله تعالى : { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا } الآية . ويقول تبارك وتعالى : { لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً } [ لقمان : 33 ] ، ويقول تعالى : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [ عبس : 34 - 37 ] ، ثم قال تبارك وتعالى : { إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي إنما يتعظ بما جئت به أولو البصائر والنهى ، الخائفون من ربهم الفاعلون ما أمرهم به ، { وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ } أي ومن عمل صالحاً فإنما يعود على نفسه ، { وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } أي وإليه المرجع والمآب وهو سريع الحساب ، وسيجزي كل عامل بعمله إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر .