Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 27-28)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى منبهاً على كمال قدرته في خلقه الأشياء المتنوعة المختلفة من الشيء الواحد ، وهو الماء الذي ينزله من السماء ، يخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها من أصفر وأحمر وأخضر وأبيض ، إلى غير ذلك من ألوان الثمار ، كما هو الشاهد من تنوع ألوانها وطعومها وروائحها ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : { يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [ الرعد : 4 ] ، وقوله تبارك وتعالى : { وَمِنَ ٱلْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا } أي وخلق الجبال كذلك مختلفة الألوان كما هو المشاهد أيضاً من بيض وحمر ، وفي بعضها طرائق وهي الجدد جمع جدة مختلفة الألوان أيضاً ، قال ابن عباس : الجدد الطرائق ، ومنها غرابيب سود ، قال عكرمة : الغرابيب الجبال الطوال السود ، وقال ابن جرير : والعرب إذا وصفوا الأسود بكثرة السواد ، قالوا أسود غربيب ، ولهذا قال بعض المفسرين في هذه الآية : هذا من المقدم والمؤخر في قوله تعالى : { وَغَرَابِيبُ سُودٌ } أي سود غرابيب ، وفيما قاله نظر . وقوله تعالى : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ } أي كذلك الحيوانات من الأناسي ( والدواب ) وهو كل ما دب على القوائم ( والأنعام ) من باب عطف الخاص على العام كذلك هي مختلفة أيضاً ، فالناس منهم بربر وحبوش في غاية السواد ، وصقالبة وروم في غاية البياض ، والعرب بين ذلك ، والهنود دون ذلك ، وكذلك الدواب والأنعام مختلفة الألوان ، حتى في الجنس الواحد بل النوع الواحد ، بل الحيوان الواحد يكون أبلق فيه من هذا اللون ، وهذا اللون ، فتبارك الله أحسن الخالقين ، وقد روى الحافظ البزار في " مسنده " عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أيصبغ ربك ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " نعم صبغاً لا ينفض أحمر وأصفر وأبيض " " ، ولهذا قال تعالى بعد هذا { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به ، لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير أتم والعلم به أكمل ، كانت الخشية له أعظم وأكثر . قال ابن عباس في قوله تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير ، وعنه قال : العالم بالرحٰمن من عباده من لم يشرك به شيئاً ، وأحل حلاله وحرم حرامه ، وحفظ وصيته ، وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله ، وقال سعيد بن جبير : الخشية هي التي تحول بينك وبين معصية الله عزَّ وجلَّ ، وقال الحسن البصري : العالم من خشي الرحٰمن بالغيب ورغب فيما رغب الله فيه ، وزهد فيما سخط الله فيه ، ثم تلا الحسن : { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ليس العلم عن كثرة الحديث ولكن العلم عن كثرة الخشية ، وقال مالك : إن العلم ليس بكثرة الرواية وإنما العلم نور يجعله الله في القلب ، وقال سفيان الثوري : كان يقال : العلماء ثلاثة ، عالم بالله عالم بأمر الله ، وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله ، وعالم بأمر الله ليس بعالم بالله ، فالعالم بالله وبأمر الله الذي يخشى الله تعالى ويعلم الحدود والفرائض ، والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود والفرائض ، والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله عزَّ وجلَّ .