Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 35, Ayat: 33-35)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أن هؤلاء المصطفين من عباده الذين أورثوا الكتاب المنزل من رب العالمين يوم القيامة ، مأواهم جنات عدن ، أي جنات الإقامة يدخلونها يوم معادهم وقدومهم على الله عزّ وجلَّ { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } ، ولهذا كان محظوراً عليهم في الدنيا فأباحه الله تعالى لهم في الآخرة ، وثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " وقال : " هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " وقال ابن أبي حاتم ، عن أبي أمامة رضي الله عنه حدَّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر حلي أهل الجنة فقال : " مسورون بالذهب والفضة ، مكللة بالدر ، وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة ، وعليهم تاج كتاج الملوك ، شباب جرد مرد مكحولون " { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِيۤ أَذْهَبَ عَنَّا ٱلْحَزَنَ } وهو الخوف من المحذور أزاحه عنا وأراحنا مما كنا نتخوفه ونحذره من هموم الدنيا والآخرة ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على أهل لا إلٰه إلا الله وحشة في قبورهم ولا نشورهم ، وكأني بأهل ( لا إلٰه إلا الله ) ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن " وروى الطبراني ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على أهل لا إلٰه إلا الله وحشة في الموت ولا في القبور ولا في النشور ، وكأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب يقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور " ، قال ابن عباس : غفر لهم الكثير من السيئات ، وشكر لهم اليسير من الحسنات { ٱلَّذِيۤ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ } يقولون : الذي أعطانا هذه المنزلة ، وهذا المقام من فضله ومنّه ورحمته ، لم تكن أعمالنا تساوي ذلك ، كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " لن يدخل أحداً منكم عمله الجنةَ " قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله تعالى برحمة منه وفضل " " { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } أي لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء ، والنصب واللغوب كل منهما يستعمل في التعب ، وكأن المراد ينفي هذا وهذا عنهم أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم والله أعلم ، فمن ذلك أنهم كانوا يدئبون أنفسهم في العبادة في الدنيا ، فسقط عنهم التكليف بدخولها ، وصاروا في راحة دائمة مستمرة ، قال الله تبارك وتعالى : { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } [ الحاقة : 24 ] .