Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 75-82)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما ذكر تعالى عن أكثر الأولين أنهم ضلوا عن سبيل النجاة شرع يبين ذلك مفصلاً ، فذكر نوحاً عليه الصلاة والسلام وما لقي من قومه من التكذيب ، وأنه لم يؤمن منهم إلا القليل مع طول المدة ، لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ، فلما طال عليه ذلك واشتد عليه تكذيبهم ، وكلما دعاهم ازدادوا نُفْرة { فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [ القمر : 10 ] ، فغضب الله تعالى لغضبه عليهم ، ولهذا قال عزّ وجلّ : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ ٱلْمُجِيبُونَ } له ، { وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } وهو التكذيب والأذى ، { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } قال ابن عباس : لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام ، وقال قتادة : الناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام ، وقد روى الترمذي عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ ٱلْبَاقِينَ } قال : سام وحام ويافث ، وروى الإمام أحمد ، عن سمرة رضي الله عنه " أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم " ، وقوله تبارك وتعالى : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ } قال ابن عباس : يذكر بخير ، وقال مجاهد : يعني لسان صدق للأنبياء كلهم ، وقال قتادة والسدي : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرين ، قال الضحّاك : السلام والثناء الحسن ، وقوله تعالى : { سَلاَمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي ٱلْعَالَمِينَ } مفسر لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن ، أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم ، { إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } أي هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله تعالى ، نجعل له لسان صدق يذكر به بعده ، ثم قال تعالى : { إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي المصدقين الموحدين الموقنين ، { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } أي أهلكناهم فلم تبق منهم عين تطرف ، ولا ذكر ولا عين ولا أثر ، ولا يعرفون إلا بهذه الصفة القبيحة .